[ ص: 5249 ] وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ؛ الضمير يعود إلى المشركين؛ الذين اتخذوا مع الله آلهة أخرى؛ لأنهم حاضرون في ذهن أهل الإيمان دائما؛ بجدالهم المستمر؛ وعنادهم؛ وملاحاتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛
أساطير الأولين ؛ جمع " أسطورة " ؛ كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج؛ وهو أخبار السابقين؛ التي تذكر عنهم في السمر والمجالس؛ وليس لها أصل صحيح؛ إنما تكون لتزجية الفراغ؛ وهذا فيه سخرية بالقرآن واستهانة به؛ وبث الاستهانة عند القارئين له والسامعين؛
اكتتبها ؛ هذه صيغة الافتعال من " الكتابة " ؛ أي: " كتبها وجود كتابتها " ؛ وهذا كلام يحتمله معنى " اكتتبها " ؛ وقيل: إن معناها أنه طلب كتابتها من غيره؛ لأنه أمي؛ لا يقرأ؛ ولا يكتب؛
فهي تملى عليه ؛ أي: تلقى عليه ليكتبها؛ أو يقرؤها عليه من يكتبها؛ وأصل " تملى " : " تملل " ؛ قلبت اللام الثانية ياء؛ وعلى أي حال " تملل " ؛ و " تملى " ؛ بمعنى واحد؛ وهما مترادفان.
وهؤلاء الكافرون؛ لفرط استهانتهم؛ افتروا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أمور؛ أولها: أنه إفك مفترى؛ وقد ذكره - سبحانه - في الآية السابقة.
والثانية: أنه أساطير الأولين؛ وأحاديثهم المفتراة.
والثالثة: أنها تملى عليه فيكتبها؛ أو تملى على النبي - صلى الله عليه وسلم - إملاء؛ فيحفظها.
وقبل أن ننتهي من القول في هذه الآية نقول: إن
الراغب الأصفهاني في مفرداته قال: إن " اكتتب " ؛ تكون لكتابة ما هو مختلق؛ لا أصل له؛ فيكون في كلمة " اكتتب " ؛ اتهام رابع بالافتراء والاختلاق؛ ومعنى
بكرة وأصيلا ؛ أي: في الغدوة والأصيل؛ أي أنه يملى عليه طول النهار؛ في أوله؛ وآخره؛ و " الأصيل " : ما يكون قبل الغروب؛ وبعد الظهيرة.