لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ؛ " البخع " : قطع خيط العنق؛ أي: إصابة النخاع الشوكي الذي يسير في فقرات العنق؛ فإن ذلك نهاية الفرج؛
ألا يكونوا مؤمنين ؛ الضمير المنسبك من " أن " ؛ وما بعدها؛ فاعل " باخع " ؛ أي: يبخعك ويقتلك ألا يكونوا مؤمنين؛ وهذا كقوله (تعالى) - في أول سورة " الكهف " -:
فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ؛ وكقوله (تعالى):
فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ؛ وقلنا: إن فاعل " باخع " ؛ هو
ألا يكونوا مؤمنين ؛ بعدا عن التأويل؛ لأن ما لا يحتاج إلى التأويل أولى بالأخذ مما يحتاج إلى تأويل؛ ولأن التأويلات فيها بعد؛ وفيها خروج عن معنى الآية الظاهر.
وقوله:
ألا يكونوا مؤمنين ؛ يشير إلى أن بخع نفس الرسول - صلى الله عليه وسلم -; لأنهم لم يكونوا مؤمنين؛ أي: لم يؤمنوا؛ والضمير كينونتهم أنهم من المؤمنين؛ فيكونوا قوة؛ وهم أقرب الناس إليه؛ وهو عليهم شفيق.
وقد بين - سبحانه وتعالى - أن الله أراد أن يكونوا مختارين في إيمانهم؛ فيؤمنوا بعد الموازنة بين حالهم؛ وما يدعوهم إليه النبي؛ فيكون التكليف بعد الاختيار والموازنة؛ ويكون الجزاء على الإيمان؛ والجزاء على الامتناع.