وهنا نجد
إبراهيم يبين لهم بطلان هذه العبادة؛ لأن المعبود يجب أن يكون أعلى من العابد كيانا؛ وأنفع وأضر؛ فقال لهم خليل الله (تعالى):
قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون ؛
[ ص: 5366 ] أول سؤال إنكاري وجهه إليهم:
قال هل يسمعونكم ؛ وتنادونهم عابدين؛ و " إذ " ؛ ظرف دال على الماضي؛ وتتعلق بـ
يسمعونكم ؛ وكان الظرف ماضيا؛ دالا على مضارع؛ لتصوير جهالتهم؛ إذ يدعون ما لا يستطيعون جوابا؛ وما لا يستطيع أقل في الكون والوجود ممن يدعوه؛ إذ الداعي سميع مبصر؛ وهذه لا تسمع ولا تبصر؛ ويصح أن نقول: إن " تدعون " ؛ معناها: تعبدون؛ وكأنهم يعبدون ما لا يسمع؛ ووجودهم أقل؛ إذ هم أحياء يسمعون؛ وهؤلاء جماد لا حياة فيه؛
أو ينفعونكم أو يضرون ؛ أو عاطفة؛ أي: هل ينفعونكم أو يضرون؟ هل يملكون نفعا أو ضررا؟ وكأنه يقول لهم إن المعبود يكون موجودا؛ أو يكون نافعا أو ضارا؛ يعبد رجاء نفعه؛ أو اتقاء ضرره؛ ولا شيء من ذلك؛ فكيف تعبدونهم؟ إنه ضلال العقل.