قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم ؛
[ ص: 5394 ]
" الشرب " : الحظ من الماء المشروب؛ وهذا هو حق الشرب؛ و " الشرب " ؛ في اصطلاح الفقهاء: حظ الزرع من الماء؛ والمراد: قدر شرب الناقة؛ وقوله:
ولكم شرب يوم معلوم ؛ أي أن لهذه الناقة المخصوصة شرب يوم معلوم ولكم شرب يوم معلوم.
وهذه الناقة.. ناقة مولودة كسائر النوق؛ أم أن الله (تعالى) أتى لهم بناقة خاصة لم تولد مثل سائر النوق؟ ظاهر الآية أنها ناقة ولدت كسائر النوق؛ ولكن كان لها خواص معلومة؛ ففي شربها تشتف شربها ولا تبقي منه شيئا؛ وتدر في آخر النهار لبنا خالصا سائغا للشاربين؛ والإعجاز؛ في هذا؛ ولكن روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن الله (تعالى) جعل لهم ناقة خرجت من الجبل؛ حمراء عشراء؛ قد مضى لحملها عشرة أشهر؛ ترد الماء فتشربه؛ وتأتي بقدره تماما لبنا؛ وهو كلام مقبول؛ إذا ورد عن المبعوث
محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو مبين القرآن وموضحه:
وأنـزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نـزل إليهم ؛ وإني أميل إلى أن أترك النص على عمومه؛ ولكن لا بد أن نفرض أن لهذه الناقة خواص وصفات فيها ما يبهر العقول؛ ويوجه الأنظار إلى قدرة الله (تعالى)؛ وليكن من خواصها أن تشرب الماء في الغداة وفي العشي تعطي لبنا بقدره؛ وهذا دال على قدرة الله (تعالى)؛ وعلى أنها آية من آياته؛ لها دلالتها وإعجازها؛ وإثبات رسالة
صالح - عليه السلام.
وإذا كانت ناقة لها صفة المعجزة؛ وأنها دليل الرسالة؛ فإنه يجب إشعارها بصفة خاصة بها؛ ولذا قال (تعالى):
ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم ؛ نهوا عن أن يمسوها بأي سوء أو أذى؛ لأن الله حارسها وحاميها؛ وهي معجزة نبيه؛ ولأن النفس الطيبة لا تؤذي الطيب؛ وهذه ناقة تشرب الماء فتحوله إلى لبن بقدرة الله (تعالى)؛ وعلمه؛ لإظهار معجزة نبيه؛ وآية نبوته؛ ولكن الوسواس الخناس يجري في الدم البشري؛ و " اليوم العظيم " ؛ وصفه بالعظيم لعظم العذاب فيه؛ وهو يوم في الدنيا بهلاكهم بسببه؛ وفي الآخرة بالعذاب المقيم لعصيانه؛ إذ يلقون في الجحيم.