قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين ؛ " المسحر " : الذي سحر؛ أي صار مسحورا بقوة؛ والتضعيف لتشديد وقوعه تحت السحر؛ كما قال (تعالى) عن بعض الرسل:
إن تتبعون إلا رجلا مسحورا
وقيل: " المسحر " : الذي يملأ سحره - وهي الرئة -؛ وبذلك يشيرون إلى أنه محتاج إلى طعام يأكله؛ ولذا كانت كل أوامره في الكيل والوزن.
والأول هو الواضح الأوضح؛ وأكثر الأنبياء؛ لقوة نفوسهم؛ وسيطرتهم على العامة من أقوامهم؛ رموا بالسحر؛ وقد رمي به
محمد - صلى الله عليه وسلم -:
إن تتبعون إلا رجلا مسحورا [ ص: 5405 ] وما أنت إلا بشر مثلنا ؛ أي: لست أنت إلا بشرا مثلنا؛ وكيف تكون من بيننا رسولا ونبيا؟! أي أنه في نظرهم لا يكون الرسول منهم؛ أو مثلهم؛ يأكل مما يأكلون منه؛ ويشرب مما يشربون؛ وذكروا النتيجة؛ وهي أنه ما دام منهم أو مثلهم؛ فليس نبيا؛ ولذا قالوا - بعد ذلك -:
وإن نظنك لمن الكاذبين ؛ " إن " ؛ هنا؛ هي المخففة من الثقيلة؛ واسمها هو ضمير الشأن والحال؛ أي: إنه الحال والشأن نظنك لمن الكاذبين؛ والدليل على أنها مخففة من الثقيلة اللام في قوله (تعالى):
لمن الكاذبين ؛ وقد أكدوا رميهم له بالكذب بـ " إن " ؛ وباللام؛ وبعده في صفوف الكاذبين البهاتين.
و " الظن " ؛ هنا؛ معناه: العلم القطعي؛ ولكن عبروا بالظن أو باقي القول؛ وإن أرادوا العلم؛ وكان من أدب
العرب في القول أن يؤثروا الظن على القطع؛ وإن كانوا ظالمين.