أنزل الله العذاب من جنس ما طلبوه؛ فقال:
فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم ؛ " الظلة " : السحابة التي تكون مظلة لما تحتها؛ وقد تكون ذات حرارة شديدة؛ كقوله (تعالى):
لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ؛ وإن السحابة إذا كانت حارة فيها نار يكون العذاب شديدا؛ والألم مريرا؛ لأنه تكون النار حيث يرجى الظل؛ لا الحرور؛ وقالوا: إنه في يوم الظلة أحسوا بالحر؛ فلجؤوا إلى ظل سحابة؛ فكانت الظلة القاتلة؛ ووراءها الدمار؛ فأصبحوا في عذاب؛ وبذلك كان العذاب الساحق الماحق من جنس ما طلبوا؛ وهو كسفا من السماء.
وكانت هذه آية من الله مرشدة هادية لمن يعيشون مثل عيشهم؛ ظلما وعدوانا؛ وأكلا لمال الناس بالباطل والعدوان؛ والعثو في الأرض فسادا؛ وهي دالة على أن
شعيبا كان يدعوهم بالحق؛ وهم المبطلون.
وإذا أنزل عليهم هذه الساحقة ما أنزلها على كثرة مؤمنة؛ بل أنزلها على كثرة فاسقة ضالة ظالمة؛ ولذا قال:
وما كان أكثرهم مؤمنين ؛ وإن ربك الكالئ الحافظ القائم على خلقه بربوبيته هو العزيز الغالب القوي الرحيم الذي يرحم عباده؛ ولا يسوي بين المحسن؛ والمسيء؛ وقد أكد - سبحانه - عزته ورحمته بـ " إن " ؛ وباللام؛ وبضمير الفصل.