وإن ذلك العذاب منطقي؛ فقد متعوا سنين وأوعدوا؛ وذكر لهم ما يوعدون؛ وهذا وقت الجزاء؛ ولذا قال:
أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ؛ يذكر - سبحانه - العجب من حالهم؛ وإنكارهم ما ذكروا به في تمتعهم سنين؛ والفاء مؤخرة عن تقديم الاستفهام؛ لأن الاستفهام له الصدارة دائما؛ والاستفهام للتعجب؛ والمعنى فأرأيتهم كيف متعناهم بزخارف الدنيا سنين؟ مهما تكثر فهي معدودة محدودة؛ وإذا تحقق ما يوعدون من عذاب يطلبون التأجيل؛ ويعجبون من التعجيل أو الاستعجال؛ ولا استعجال أبدا؛ بل كل شيء في وقته المحدود؛ وأمده المعلوم؛ وقوله (تعالى):
ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ؛ العطف بـ " ثم " ؛ له معناه؛ فإن ما بين البعث والتمتع سنين محدودة كبير في نظرهم؛ والتفاوت بين المتعة والعذاب يسوغ التفاوت والبعد بـ " ثم " ؛ ونحوها; لأنه ثمة فارق وتفاوت بين المتعة وما ينزل لهم من عذاب دائم مقيم.