وإنهم قد أنذروا؛ فالملام في عقوبتهم عليهم هم وحدهم؛ ولذا قال - عز من قائل -:
وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين ؛ أي: ما أهلكنا أي قرية؛ و " القرية " : المدينة العظيمة؛ أو القبيل؛ و " من " ؛ دالة على عموم النفي واستغراقه؛ " إلا كان لها منذرون " ؛ بالعذاب الشديد؛ من رسل الله (تعالى) الذين يتكلمون عن الله (تعالى)؛ وقد قال (تعالى):
وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ؛ وقال (تعالى):
وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ؛ وإن الرسول يذكرهم دائما؛ وتبقى في رؤوس المعتبرين منهم ذكرى دائمة باقية حتى يجنبهم ما أنذروا به؛ ولذا قال (تعالى):
ذكرى وما كنا ظالمين ؛ أي أن ذلك الإنذار على ألسنة الرسل تذكير لهم أن اعتبروا واخشوا وخافوا؛ وأكد - سبحانه - أنه لا يظلمهم؛ فيأتيهم بالعذاب من غير إنذار؛ فقال (تعالى):
وما كنا ظالمين ؛ " كان " ؛ هنا دالة على النفي الدائم؛ أو نفي الشأن؛ أي: وما كان من شأننا الظلم؛ كما قال (تعالى) - في آية أخرى -:
وما ربك بظلام للعبيد ؛ ولقد قال في إنذارهم:
وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال