وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم ؛ " التوكل " ؛ هو تفويض الأمر لله (تعالى)؛ بعد أخذ الأسباب؛ فلا يظن أن الأسباب وحدها كافية؛ بل إنه لا بد من الاعتماد على الله (تعالى) بعد الأخذ في الأسباب؛ والعناية بها؛ والتوكل هو على الله العزيز القوي؛ الذي لا يغلب؛ الرحيم بعباده في شدتهم؛ والذي يجيب مطالبهم العادلة بفضل رحمته - سبحانه -؛ وقد وصف الله (تعالى) بثلاث صفات؛ تبين أن الاعتماد عليه هو اعتماد على المحيط بكل شيء علما؛ فوصفه بثلاث صفات تفيد كمال العلم والعزة؛ وكمال السلطان والقهر؛ الصفة الأولى: أشار - سبحانه وتعالى - بقوله:
الذي يراك حين تقوم ؛ من منامك؛ متجها إلى الله تعبده؛ وإلى الناس تنفعهم؛ وإلى نفسك تهذبها؛ وإلى صلاتك تقيمها.
[ ص: 5418 ] والصفة الثانية: أنه يعلم تقلب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذا قال:
وتقلبك في الساجدين ؛ أي: خرورك ساجدا لرب العالمين؛ متقلبا من القيام إلى السجود؛ أي أنه يعلم أحوالك في صلاتك؛ فهو - سبحانه وتعالى - يعلمك في كل أحوالك؛ من وقت قيامك إلى سجودك في صلاتك؛ الثالثة:
إنه هو السميع العليم ؛ أي: الذي يعلم كل شيء منك علم من قد أحاط بكل شيء علما.