هذه سورة مكية؛ نزلت بمكة؛ وسميت " النمل " ; لأن قصة سليمان مع النمل أخذت حيزا كبيرا منها؛ وعدد آياتها 93 آية.
وقد ابتدأ - سبحانه - بحروف مفردة؛ هي الطاء والسين؛ وقد ذكرنا حكمة ذكرها في سورة " الشعراء " ؛ وما سبقها؛ وقد كانت أول آية تتعلق بالقرآن؛ كشأن الأكثر في السور المبتدأة بحروف مفردة؛ تلك آيات القرآن الكريم؛ وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة؛ ويؤتون الزكاة؛ وهم بالآخرة هم يوقنون.
ثم بين - سبحانه - أحوال الذين لا يؤمنون بالآخرة؛ وأنه تزين لهم أعمالهم؛ وأنهم في أعمالهم يعمهون؛ وأنهم هم الذين لهم سوء العذاب؛ وأنهم في الآخرة هم الأخسرون.
ولقد كان ذلك الجزء الصغير من قصة موسى - عليه السلام - تمهيدا لقصة داود وسليمان؛ وخصوصا سليمان؛ فإنهما نبيان من أنبياء بني إسرائيل؛ جاءا لإحياء شريعة التوراة فيمن جاء لذلك من الرسل.
ثم نبههم - سبحانه - إلى الأرض؛ وما في خلقها من عجائب؛ ووجه الأنظار [ ص: 5426 ] إلى عجائبها؛ وقرارها وأنهارها وجبالها؛ وأنه جعل بين البحرين حاجزا؛ ثم استفهم - منكرا موبخا -: أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ؛ وذكر بعد ذلك تفضله - سبحانه - عليهم؛ بإجابة المضطر إذا دعاه؛ وكشفه السوء؛ وجعل الإنسان خليفة في الأرض؛ ويسأل - سبحانه - مستنكرا حالهم من الشرك -: أإله مع الله قليلا ما تذكرون ؛ ويذكرهم - سبحانه - بهدايته لهم في ظلمات البر والبحر؛ وإرساله الرياح مبشرات بين يدي رحمته؛ ويسألهم من بعد: أإله مع الله تعالى الله عما يشركون
ويأمر نبيه الكريم بأن ينبههم إلى أنه لا يعلم من في السماء والأرض غيره؛ وشعورهم عندما يبعثون؛ وأنهم يتداركون جهلهم عندما يبعثون؛ ويعلمون ما لم يكونوا علموه من قبل بالعيان؛ لا بالأفهام؛ ويأمرهم - سبحانه وتعالى - أن يسيروا في الأرض ليعلموا مكانهم فيها؛ والعبر من أهلها؛ إذ طغوا وأكثروا فيها الفساد.