أتينا بما ذكر القرآن الكريم من قصة سليمان في سورة " النمل " ؛ وقد ذكرناها كلها جملة واحدة؛ وقد ذكر - سبحانه - قصة سليمان؛ وأشار إلى قصة أبيه داود - عليهما السلام -؛ وكانا ملكين قد أعطاهما الله (تعالى) سلطانا وعلما؛ ليعلم ما يجب أن يكون عليه الحكام من أخلاق؛ قال (تعالى): [ ص: 5442 ]
وقوله (تعالى): ولقد آتينا داود وسليمان علما ؛ أكد الله - سبحانه - أنه أعطى داود وابنه سليمان علما؛ باللام؛ وبـ " قد " ؛ فإنها تدل على التحقيق؛ ونكر - سبحانه - " علما " ؛ للإشارة إلى أنه علم عظيم؛ لا يقدر قدره؛ فقد أعطى داود علم القيادة؛ وعلم إدارة الدولة؛ وعلم صناعة أدوات؛ كما قال (تعالى): وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم ؛ وأعطى سليمان علم منطق الطير؛ كما ستشير الآيات لذلك؛ وعلم الابن ثمرته تعود على الأب؛ فهو شخصه ممتد؛ وكسبه كسب له؛ كما هو مقرر بحكم الفطرة؛ ولذلك حمدا الله على ما آتاهما من فضله: وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ؛ وكان التفضيل - أولا - بالعلم؛ و- ثانيا - بالسلطان والحكم؛ وهذا يستوجب الحمد والشكر؛ لا الظلم والطغيان؛ ونقول: إن الله أعطاهما الذي أعطاه؛ وهو نعمة؛ وتكليف؛ فالمؤمن يحسب النعمة تكليفا؛ والتكليف بالنسبة للحكام: العدل؛