قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا الأمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقد أمره أن يذكر لهم صدق الله تعالى فيما أخبره به من أن
إبراهيم ما حرم الإبل ولا ألبانها، وأن بني إسرائيل من قبل التوراة كان كل الطعام الطيب حلالا لهم غير حرام عليهم.
[ ص: 1319 ] وفي ذلك إشارة إلى أنهم يعاندون الله تعالى بأخبارهم الكاذبة، وأن كلامهم لا يروج عند مؤمن؛ لأنه إما أن يصدق الله تعالى ذا الجلال والإكرام، المنفرد بحق العبودية، والمنفرد بالألوهية، وإما أن يصدق أخبارهم الكاذبة التي تتنزى بالحقد والحسد الدفين.
وإذا كانوا يتمسحون
بإبراهيم فعليهم أن يتبعوه في أخص شريعته ولبها، ولذا قال:
فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا أي: اتبعوا منهاجه وشرعته وطريقته، وقد كان طريقه هو طريق الفطرة السليمة، ولذلك وصفه بقوله " حنيفا " أي: متجها إلى الحق لا ينحرف عنه إلى غيره، ولا يسلك غير سبيل المؤمنين يجيب داعي الحق إذا دعي إليه.
وإذا استمروا على طريقهم من معاندة الحق ومنازلته، وإثارة غبار الشك حوله، فإنهم بعيدون عن
إبراهيم، كما بعد عنه المشركون، وقد أكد سبحانه بعد
إبراهيم عن الشرك بقوله: " وما كان من المشركين " هذا نفي الإشراك عن إبراهيم عليه السلام نفيا مؤكدا وهو مؤكد بالجملة الاسمية، وبالفعل " كان " ، فهو نفي للكينونة أي الوجود، فهو لم يوجد مشركا ولا يمكن أن يكون مشركا، أو يدخل في صفوف المشركين، وفي ذلك بيان براءة إبراهيم من مشركي
قريش براءته من اليهود، فليس لأحد الفريقين أن يتمسح به، وأن يذكر أنه يسير على ملته، وهو لا يخلص في قول ولا يجعل وجهته رب العالمين.
اللهم اهدنا بهديك، وخلص قلوبنا، وأصلح أحوالنا، ووفقنا إلى الإخلاص في القول والعمل؛ إنك سميع الدعاء.