ولقد بين - سبحانه - نجاة
لوط ومن معه إلا امرأته؛ فقال:
فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين ؛ الفاء للترتيب والتعقيب؛ أي أنه - سبحانه - قرر هلاكهم؛ وقرر النجاة
للوط وآله؛ فكان معقبا؛ أو مقارنا لتقرير الهلاك؛ وهو أقرب من التعقيب؛ وإليك خبر الهلاك؛ وطلب النجاة؛ فقد جاء في سورة " هود " ؛ من مخاطبة الملائكة
للوط - عليه السلام -:
قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب
أنجى الله (تعالى)
لوطا وأهله بأن أمرهم بأن يسروا من البلد ليلا؛ واستثنى امرأته لأنها من الغابرين؛ من الماضين؛ وظاهر أن ما كان منها هو الشرك؛ وعدم إنكارها لأفعالهم الخبيثة؛ فعدم الإنكار لجريمة بشعة معلنة؛ قد جاهروا رضا بها؛ فهي معهم في الشرك؛ أو الرضا؛ بتلك الفاحشة الفحشاء؛ ولذا قال:
قدرناها من الغابرين ؛ أي: عددناها منهم.
وبعد هلاك القرية؛ وجعل عاليها سافلها؛ أمطر عليهم - سبحانه - مطرا؛ وهو حجارة حاطمة رؤوسهم؛ مهلكة؛ ولذا قال (تعالى):
وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين ؛ أي: أنزلنا عليهم من السماء حجارة هي أشبه بالمطر في وابله وتراكمه؛ ولقد بين أنه أسوأ مطر؛
فساء مطر المنذرين ؛ أي: ما أسوأ مطر المنذرين الذين أنذرهم!
[ ص: 5468 ] وقد بين - سبحانه - في آيات أخر أنه مطر حجارة؛ لا مطر ماء؛ فقال - في سورة " هود " -:
فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ؛ هذه أقوام أشركت؛ وبين الله (تعالى) عاقبة إشراكها؛ إذ همت بالاعتداء على نبيها؛ ولم يكن له قبل بها؛ والآيات قائمة؛ والأدلة معلمة؛ وقد ذكر - سبحانه وتعالى - بعض هذه الآيات.