ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ؛ إذا كانوا يسيرون في الأرض ليريهم عاقبة المجرمين؛ فذلك إعلام لهم بأنهم مثلهم؛ وسينزل بهم مثل ما نزل بغيرهم؛ ولأنهم ضالون مثلهم؛ ولا شك أن ذلك يحزن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال (تعالى):
لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ولذا نهي النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ هم قومه وعشراؤه؛ إذ قال (تعالى):
ولا تحزن عليهم ؛ قيل: أي: لا تحزن على كونهم؛ وإني أرى أن الحزن عليهم هم لأنهم قومه؛ وقد قال:
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ؛ " الضيق " : الحرج الشديد؛ ومما يمكرون؛ أي: يدبر التدبير الخبيث من إيذاء المؤمنين والاستهزاء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وتدبير المكائد من مثل مقاطعتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وعزل المؤمنين الموالين
لمحمد - صلى الله (تعالى) عليه وسلم - في
شعب قريش ونحو ذلك؛ وهذا كقوله (تعالى):
يا أيها الرسول بلغ ما أنـزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس
إن الله عاصمك مهما تمالؤوا عليك.