فقاتل في سبيل الله
* * *
حتى ولو تركوك وحدك منفردا لا أحد معك، فإن معية الله خير وأبقى، فهو الذي أمرك بالقتال، وهو الذي تكفل بنصرك
إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد [غافر]. في الآية أمر من الله تعالى لرسوله
محمد -صلى الله عليه وسلم-، بألا يترك جهاد العدو، حتى ولو كان وحده، لأن الله ضمن له النصر، وهناك من يقولون أن الخطاب للأمة كلها، إذ قال
ابن عطية في تفسيره: "هذا ظاهر اللفظ، إلا أنه لم يجئ في خبر قط أن القتال قد فرض عليه وحده دون الأمة مدة ما"، فالمعنى، والله أعلم، أنه خطاب له في اللفظ، وهو مثال ما يقال لكل واحد في خاصة نفسه، أي أنت يا
محمد، وكل واحد من أمتك، هذا الخطاب موجه إليه، وكل إنسان ليس مكلفا إلا عن نفسه، فإن تقدم نفسك للجهاد فإن الله هو ناصرك، وليس الجنود، فإن شاء نصرك وحدك كما ينصرك وحولك الألوف من الجند، فالنصر أولا وأخيرا من عند الله.
وقيل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا الناس إلى الخروج للقاء المشركين في معركة
بدر الصغرى، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان قد واعد الرسول على أن يتلاقوا فيها، فكره بعض الناس أن يخرجوا، فنزلت الآية، وخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس معه إلا سبعون، ولو لم يخرج معه أحد لخرج وحده، فكان الله سبحانه وتعالى يقول له: يا
محمد، إنك لا تكلف إلا نفسك وحدها، فاخرج
وحرض المؤمنين إذ ليس عليك بالنسبة لهم إلا التحريض، وأمرهم دون تعنيف
عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا [ ص: 1784 ] وقد كان، فكف الله بأس الذين كفروا، وهم قريش، الذين تواعدوا مع النبي على اللقاء، فقد غير
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان رأيه، وخشي عاقبة المعركة، فقال لقومه: إن هذا عام مجدب، لن تقدروا فيه على لقاء
محمد وأصحابه، فانتظروا عاما مخصبا، كما تعودتم، لتلاقوا فيه
محمدا ومن معه، ووقتها سيكون بأسكم شديدا، وتنكيلكم
بمحمد وأصحابه شديدا، ألم يعلموا أن العزة لله جميعا
والله أشد بأسا من
قريش وأشد تنكيلا من كل أعدائكم. و
إن بطش ربك لشديد [البروج]، فهو أعظم سلطانا، وأقدر على ما يريد.
* * *