الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا
* * *
وقد نزلت هذه الآية في شأن هؤلاء المكذبين الذين يشكون في البعث والحساب، فأقسم الله تعالى لهم بنفسه، والدليل على ذلك القسم هو وجود اللام المتصلة بكلمة ليجمعنكم، ثم نون التوكيد المشددة بعدها، يقول النحاة أن اللام
[ ص: 1787 ] واقعة في جواب قسم، والتقدير، والله أعلم، أن الله يقسم ليجمعنكم، فهو قسم، يلقيه إلينا رب العزة، بأنه سيجمع الناس وهم أموات تحت الأرض، فكل من يموت سيجمع إلى من سبقوه تحت التراب، وسيظل جمعهم هذا إلى يوم القيامة ثم يبعثون.
وفي رأي آخر أن حرف الجر "إلى" صلة في الكلام، معناه: ليجمعنكم يوم القيامة، وسميت القيامة قيامة; لأن الناس يقومون في هذا اليوم لله رب العالمين. قال جل شأنه:
ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين [المطففين].
ومن أصدق من الله حديثا استفهام تقريري، هل هناك من هو أصدق من الله؟ فيكون الجواب تقريرا للحقيقة التي لا يشك فيها مؤمن: لا، لا أحد أصدق من الله، فهو سبحانه، يخاطبنا بما كان، وما سيكون، وكل ما جاء من عنده صدق لا ريب فيه، فهو جل شأنه لا يجوز عليه الكذب، لأن الكذب إخبار عن الشيء بغير ما هو عليه، والكاذب لا يكذب إلا أنه في حاجة للكذب، لكي يستفيد منفعة، أو يدفع مضرة، والله
سبحانه وتعالى حكيم غني لا يجوز عليه الاحتياج، فهو عالم بكل معلوم، منزه عن الكذب، كما هو منزه عن سائر النقائص والقبائح. سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
* * *