ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها
* * *
هذا صنف أخير يتجه إلى أن يأمن قومه، فلا يقاتلهم، ويأمن المؤمنين حتى لا يقتلوه، ولكنه لا يمد يد الأمان، ولا يسلم القياد، وهؤلاء إذا دعوا إلى القتال، ولم يعترضوا منفردين لأذى المؤمنين، استجابوا للقتال في صفوف المشركين، فهم يظهرون الأمان، أو يظهرون الإسلام، ليأمنوا جانب المؤمنين، فإن لاحت لهم فرصة الانضمام لأعداء الله قاتلوا معهم، وهذا مرمى قوله تعالى:
كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها أي كلما ردوا إلى قومهم مفتونين بعصبيتهم وكفرهم، قلبت نفوسهم أقبح قلب، فأركسوا في فتنة الكفر والعصبية، وهؤلاء أوجب الإسلام قتالهم إذا لم يعتزلوا أقوامهم ويكفوا أيديهم عن قتال المسلمين، ولذا قال سبحانه:
فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا أي إن لم يعتزلوا قتالكم،
ويمتنعوا عن حربكم، ويلقوا إليكم بالأمان مع تسليم أنفسهم منقادين، ويكفوا أيديهم عن القتال، فقد حل دمهم، وزالت عصمتهم، فخذوهم بالنواصي أسرى،
[ ص: 1796 ] واقتلوهم حيث وجدتموهم، فمعنى
ثقفتموهم وجدتموهم. وعبر عن الامتناع عن القتال بقوله:
ويكفوا أيديهم لأن اليد هي الأداة الأولى للقتال; وإن الله بهذا قد جعل للمسلمين سلطانا أي سيطرة تمكنهم من قتالهم، وهذا معنى قوله:
وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا أي أولئك بأوصافهم من الغدر، وقتالهم للمؤمنين، وفتنتهم، جعل الله لكم عليهم سلطانا مسوغا لقتالهم، واضحا بينا لا شك فيه، فقاتلوهم من غير استرابة ولا شك ولا تلكؤ. اللهم أعز الإسلام وانصرنا على القوم الكافرين.
* * *