إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا
* * *
هذا استثناء من المصير الذي سيئول إليه هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم، وهؤلاء هم ضعفاء حقا، فقد استضعفهم الأعداء وأرهقوهم، ولم تكن عندهم قوة تمكنهم من الإفلات من بقائهم في أرضهم وخروجهم إلى أرض الإسلام.
وهؤلاء ثلاثة أصناف:
أولهم:
ضعفاء الرجال من الشيوخ الفانين، والمرضى وذوي العاهات، ونحوهم، ومن هؤلاء من كان لا يرضى بالذلة ولو فني بالطريق! ويروى أنه
لما نزلت هذه الآية بعث بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى مسلمي مكة، فقال ضمرة بن جندب لبنيه: احملوني، فإني لست من المستضعفين، وإني لأهتدي إلى الطريق، والله لا أبيت ليلة بمكة!. فحملوه على سرير متوجها إلى المدينة، وكان شيخا كبيرا، فمات في الطريق!.
والصنف الثاني:
النساء اللائي لا يستطعن الخروج، إما لثقلهن بالأولاد، وإما لخشية أمن الطريق، وإما لعدم وجود زوج يصحبها، ولا ذي رحم محرم يكون معها في الطريق.
والصنف الأخير: الولدان، وقد قال بعض المفسرين: إنهم العبيد ونحوهم، وذلك القول ليس بشيء، والأصح أنهم الصبيان، ويقول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إنهم الذين تجاوزوا الحلم قريبا. ويصح أن يكون المراد هؤلاء والأولاد الذين يتبعون آباءهم، أو الذين ليس لهم آباء يتبعونهم، وهم بهذا الضعف غير مسؤولين، واستثناؤهم لعدم تكليفهم أو لأنهم لا قوة لهم على تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، إذ إن ضعف الصبا لا يزال بهم، إذا كانوا قد بلغوا الحلم، ولم يدخلوا في دور الرجولة.
[ ص: 1821 ] وقد ذكر سبحانه الوصف الذي استوجب استثناءهم، فقال سبحانه:
لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا والحيلة المراد بها التحول من حالهم التي هم عليها إلى غيرها أي لا يستطيعون تحولا ولا انتقالا لعجزهم المطلق بمرض أو زمانة أو شيخوخة، أو يستطيعون التحول، ولكن لا يهتدون إلى الطريق الموصل كالصبيان القريبي العهد بالبلوغ، بحيث لو خرجوا هلكوا.
* * *