رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما
* * *
في هذا النص الكريم
بيان لعمل الرسل، والحكمة من بعثهم، وقد أرسل هؤلاء مبينين الحق داعين إليه، يبشرون الطائعين بحسن العاقبة في الدنيا والآخرة، وينذرون العاصين بسوء العقبى، وإن واتاهم نفع في الدنيا، فالعذاب الأليم يستقبلهم في الآخرة.
وكان بعث الرسل لكي يكون الذين يعصون على علم بما يستقبلهم والذين يطيعون على بينة بأوامر ربهم ويكون الذين يعذبون ليس لهم عذر من جهل،
[ ص: 1968 ] وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل أي لكي يسقط كل اعتذار للعصاة في عصيانهم بعد البيان الحكيم والإرشاد المبين فمن ضل فعن بينة، والله سبحانه برحمته وفضله ومنه يسمي ذلك حجة عليه.
لا يسأل عما يفعل وهم يسألون [الأنبياء].
وقد قال
المعتزلة: إن لله دائما الحجة على خلقه بالعقل الذي أودعه خالقهم، وهو هاد مرشد، ولكن إرسال الرسل رحمة من الله تعالى، ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تفسير النص: الرسل منبهون من الغفلة وباعثون على النظر كما يرى علماء أهل العدل والتوحيد -أي
المعتزلة- مع تبليغ ما حملوه من تفصيل أمور الدين، وبيان أحوال التكليف، وتعليم الشرائع فكان إرسالهم إزاحة للعلة وتتميما لإلزام الحجة لئلا يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولا فيوقظنا من سنة الغفلة وينبهنا لما وجب الانتباه له.
والحق أن الناس لا يهتدون في جملتهم إلى الشرائع الصحيحة، بل هم بعدها مراتب؛ منهم من يهتدون بمجرد بيان الحق، ومنهم من لا يقنعون إلا بالبرهان الملزم، ومنهم من لا يطيعون إلا بالتهديد ومنهم عصاة جائرون بائرون.
وقد ختم سبحانه الآية بقوله:
وكان الله عزيزا حكيما أي أنه القادر الغالب على كل شيء وهو الحكيم، الذي يدبر الأمر بحكمته وعزته.
* * *