لكن الله يشهد بما أنـزل إليك أنـزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا
* * *
جحد أهل الكتاب وكفروا برسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- وطلبوا إليه أن يأتي بشهادة من عند الله، وعينوا الشهادة بأن تكون كتابا كما قال تعالى:
يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابا من السماء [النساء]، فرد سبحانه وتعالى عليهم بقوله تعالى:
لكن الله يشهد بما أنـزل إليك فالاستدراك هنا عن مستدرك من كلامهم وجحودهم، فالمعنى إذا كانوا لا يقرون بالحق، ويذعنون له، فالله تعالى شاهد بالحق وأي بينة أجل من بيان الله تعالى تلزم المنكرين أنى يكونون، والشهادة هي قول الحق المبني على اليقين القاطع، وشهادة الله أقوى وثيقة في هذا الوجود،
[ ص: 1969 ] وكانت شهادته بالإعجاز في القرآن المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقد أنزله الله تعالى بعلمه، وإرادته وحكمته، فهو حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- وشهادة الله تعالى بالصدق. وشهادة الملائكة تبع لشهادة الله تعالى، وشهادتهم تكون يوم القيامة، يوم الحساب والعقاب، فشهادة الله تعالى للنبي وعليهم، وشهادة الملائكة عليهم يوم الحساب والعقاب.
وقد ختم سبحانه وتعالى الآية بقوله:
وكفى بالله شهيدا أي أنه لا عبرة بإنكار المنكرين بعد شهادة الله تعالى، ففيها عزة الحق وخفض الباطل، ولم تذكر هنا شهادة الملائكة لأنها تبع لشهادة الله تعالى، وفي ذكر المتبوع غناء عن التابع، والله سبحانه وتعالى على كل شيء شهيد.
* * *