ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين
أصل معنى الفتنة: إدخال المعدن النار ليزول عنه الخبث الذي يعلق به، وأخص المعادن الذهب، ففتنته إدخاله في النار لتعلم جودته، ثم أطلقت على الاختبار والعذاب والبلاء، والمصيبة والكفر والإثم والألم والضلال.
وفي النص الكريم قراءتان: إحداهما: ضم تاء (فتنتهم) ، والمراد من الفتنة الاختبار الشديد بهول ما رأوا، والمعنى على هذه القراءة وهي قراءة
حفص: وكان من أثر الاختبار والهول الشديد الذي رأوه يوم الحشر والحساب، أن نسوا ما كانوا عليه من شرك، وقالوا مقسمين:
والله ربنا ما كنا مشركين أي: أنهم أقسموا بالله غير صادقين في الحقيقة، ونادوا الله بـ: " ربنا " معترفين بربوبيته وحده، ويكون ذلك من فرط الهول والشدة وعظمة ما رأوا من صدق الحقائق، حتى كذبوا أنفسهم.
والقراءة الثانية بفتح التاء وبالياء في يكن. ويعتبر اسم (يكن) هو (أن قالوا) ، وقد رجح هذه القراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري، وقال في معناها: (ثم لم يكن
[ ص: 2470 ] قيلهم عند فتنتنا إياهم اعتذارا مما سلف منهم من الشرك بالله إلا أن قالوا: والله ربنا ما كنا مشركين، فوضعت الفتنة موضع القول لمعرفة السامعين معنى الكلام.
وإنما الفتنة الاختبار والابتلاء، ولكن لما كان الجواب من القوم غير واقع هنالك إلا عند الاختبار وضعت الفتنة التي هي الاختبار موضع الخبر عن جوابهم واعتذارهم).
وخلاصة المعنى الذي يقرره ابن جرير أن الفتنة الاختبار، وأنها بهذا المعنى هي السبب للقول، والقول هو المسبب ويكون التخريج هكذا: لم يكن القول المتسبب عن الفتنة إلا أن قالوا: إنا كنا مشركين، فعبر عن المسبب بالسبب لبيان شدة الهول وما يترتب عليه.