ولو شاء الله ما أشركوا
أي: لو كانت مشيئة الله تعالى تعلقت بعدم شركهم ما أشركوا وما كانوا مشركين، وإذا كان ذلك قدر الله تعالى الذي قدره، وتدبيره الذي دبره، ودخلوا الشرك باختيارهم فأعرض عن أذاهم وسخريتهم، واتجه إلى الدعوة، واستمر فيها مع ملاحظة أنك لست كفيلا بإيمانهم، إنما أنت منذر.
[ ص: 2623 ] وقد أكد الله سبحانه وتعالى
أن النبي ليس مسؤولا عن كفرهم، ولا مطالبا بإيمانهم، إنما هو منذر ومبشر، فقال تعالى:
وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل
وما جعلناك حفيظا عليهم بمنعهم من الشرك ودفعهم إلى الإيمان، و: (حفيظ) صيغة مبالغة من حفظ، أي: ما جعلناك (حارسا) على إيمانهم تمنعهم من الخروج منه، وتحملهم على الدخول فيه، وقدم (عليهم) بيانا لاهتمامه بشأنهم بمقتضى الحراسة الحافظة، التي نفاها الله تعالى عنه، فالله تعالى لم يجعله كذلك، ولكن جعله فقط مبشرا ونذيرا، وهاديا بإذنه وسراجا منيرا، وقد أكد سبحانه وتعالى عدم مسؤولية النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله:
وما أنت عليهم بوكيل أي: ما أنت قد فوض أمرهم إليك بتوكيل وكلته فتدبر أمرهم وتوجههم إلى حيث تريد، إنما أنت منذر، وذلك كقوله تعالى:
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء والله تعالى هو الذي ينظم علاقة الرسول بمن بعث إليهم وهي الدعوة، فمن أجاب فقد أحسن، ومن أعرض عن ذكر الله تعالى فقد طغى وكفر، وليس على الرسول تبعة كفرهم، والله تعالى هو المجازي.