لا شريك له لا يشركك يا رب العالمين في نفسي وفي حياتي ومماتي أحد من الناس، أو غير الناس، فكلي لك من غير شريك، فأنت المالك وحدك لي ولغيري من كل ما في الوجود.
ثم يقول -صلى الله عليه وسلم- بأمر ربه:
وأنا أول المسلمين أي: أول من أخلص دينه لله ووجهه لله، فالإسلام استقامة النفس واتجاهها إلى الله وحده، من غير إشراك وثن، وأمر الله تعالى نبيه بأن يقول هذا لقومه من المؤمنين والمشركين تحريض لمن آمنوا على البقاء، وتحريض للمشركين على خلع عبادة الأوثان، فالأولية هي لمن يخاطبهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ليحتملهم على الاتباع والاقتداء به، كمن يقول لآخر: ادخل هذا الباب، وأنا أمامك أول من يدخل.
[ ص: 2764 ] فالأولوية على هذا بالنسبة لأمته ولمن بعث إليهم، وذكر تحريضا لهم على الاتباع والاقتداء، كما ذكرنا، وليست الأولية مطلقة، فإن الإسلام دين الأنبياء جميعا قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولقد قال تعالى فيما قال
نوح عليه السلام لقومه:
فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين وقال تعالى في
إبراهيم: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون
ولقد قال
يوسف: رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين
وقال بعض العلماء: إن أولية إسلام النبي -صلى الله عليه وسلم- أولية مطلقة؛ فهو كما قال ذلك القائل: أول الأنبياء إسلاما وآخرهم مبعثا، والله سبحانه وتعالى أعلم.