ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون .
[ ص: 2851 ] هذا الكلام موجه من أهل الأعراف لكبراء الشرك وزعمائه، الذين كانوا يعتزون بعصبيتهم وبأنهم أكثر وأعز نفرا، فإنهم كانوا يستكبرون عن أن يكونوا تابعين، وهم أهل الجاه الدنيوي، والكبرياء المادي، ينادونهم لينبهوهم إلى ما يقولون لهم، وقد قال الله تعالى في ذلك:
ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم نادوهم ليستمعوا إليهم في قول الحق، وقد كانوا ينادون أهل الجنة يعرفونهم بسيماهم، أما في هذه المرة فينادون:
رجالا يعرفونهم بسيماهم التي لم تغيرها النيران وإن كبتهم وسودتهم، وذكر الرجال هنا للإشارة إلى أنهم يخاطبونهم فرادى تقريعا وتذكيرا بسيئاتهم متفردين عن غيرهم
قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون
قال لهم وقد عرفوهم وعينوهم:
ما أغنى عنكم جمعكم وهو العصبية الجاهلية التي كانت تجمعهم على العناد والغطرسة، ويتعاونون لا لإحقاق الحق ولكن على الإثم والعدوان، ويدخل فيه قوة المال الذي يعتزون به والنفر الذي يستنصرون به، ونظرهم لأنفسهم على أنهم أعلى من غيرهم واستكبارهم عن الإيمان بالآيات بتكذيبها.
ومن استكبارهم أيضا أنهم يرون أن أتباع النبيين ضعفاء فقراء عبيد فقط، كما قاله قوم
نوح لنوح :
وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي فسألهم أهل الأعراف: هل أغنى عنكم هذا؟ فلم يعذبكم الله تعالى، بل أنتم هؤلاء في الجحيم تذوقون عاقبة ذلك، تريدون النجاة ولا منجاة.