سورة الفاتحة :
افتتح سبحانه كتابه بهذه السورة; لأنها جمعت مقاصد القرآن; ولذلك كان من أسمائها: أم القرآن، وأم الكتاب، والأساس، فصارت كالعنوان وبراعة الاستهلال.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري: إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن،
[ ص: 74 ] ثم أودع علوم القرآن في المفصل، ثم أودع علوم المفصل في الفاتحة، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة "أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في شعب الإيمان"3.
وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري باشتمالها على الثناء على الله بما هو أهله، وعلى التعبد، والأمر والنهي، وعلى الوعد والوعيد، وآيات القرآن لا تخلو عن هذه الأمور.
[و] قال
الإمام فخر الدين: المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة: الإلهيات، والمعاد، والنبوات، وإثبات القضاء والقدر، فقوله:
الحمد لله رب العالمين يدل على الإلهيات، وقوله:
مالك يوم الدين يدل على نفي الجبر، وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره، وقوله:
اهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء الله، وعلى النبوات، فقد اشتملت هذه السورة على المطالب الأربعة، التي هي
المقصد الأعظم من القرآن.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي: هي مشتملة على الحكم النظرية، والأحكام العملية، التي هي سلوك الصراط المستقيم، والاطلاع على مراتب السعداء، ومنازل الأشقياء.
وقال
الطيبي: هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين:
أحدها: علم الأصول، ومعاقده معرفة الله عز وجل وصفاته، وإليها
[ ص: 75 ] الإشارة بقوله:
رب العالمين الرحمن الرحيم ومعرفة المعاد، وهو المومأ إليه بقوله: [
مالك يوم الدين
وثانيها: علم الفروع، وأسه العبادات، وهو المراد بقوله:
إياك نعبد ] 5. وثالثها: علم ما يحصل به الكمال، وهو علم الأخلاق، وأجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية، والالتجاء إلى جناب الفردانية، والسلوك لطريقة الاستقامة فيها، وإليه الإشارة بقوله: [
وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم
ورابعها: علم القصص والإخبار عن الأمم السالفة والقرون الخالية، السعداء منهم والأشقياء، وما يتصل بها من وعد محسنهم ووعيد مسيئهم، وهو المراد بقوله: 1
أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
قال: وجميع القرآن تفصيل لما أجملته الفاتحة; فإنها بنيت على إجمال ما يحويه القرآن مفصلا; فإنها واقعة في مطلع التنزيل، والبلاغة فيه: أن تتضمن ما سيق الكلام لأجله; ولهذا لا ينبغي أن يقيد شيء من كلماتها ما أمكن الحمل على الإطلاق.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في "خواص القرآن": مقاصد القرآن ستة: ثلاثة مهمة، وثلاثة تتمة:
الأول: تعريف المدعو إليه، كما أشير إليه بصدرها.
وتعريف الصراط المستقيم، وقد صرح به فيها.
وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى، وهو الآخرة، كما أشير إليه بقوله:
مالك يوم الدين
والأخرى: تعريف أحوال المطيعين، كما أشار إليه بقوله:
الذين أنعمت عليهم
[حكاية أقوال الجاحدين، وقد أشير إليها بـ:
المغضوب عليهم و
الضالين ] 1.
وتعريف منازل الطريق، كما أشير إليه بقوله:
إياك نعبد وإياك نستعين 2.