سورة التغابن :
أقول: لما وقع في آخر سورة المنافقون:
وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت "المنافقون: 10" الآية، عقب بسورة التغابن; لأنه قيل في معناه: إن الإنسان يأتي يوم القيامة، وقد جمع مالا، ولم يعمل فيه خيرا، فأخذه وارثه
[ ص: 140 ] بسهولة، من غير مشقة في جمعه، فأنفقه في وجوه الخير، فالجامع محاسب معذب مع تعبه في جمعه، والوارث منعم مثاب، مع سهولة وصوله إليه، وذلك هو التغابن.
فارتباطه بآخر السورة المذكورة في غاية الوضوح; ولهذا قال هنا:
وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون "16".
وأيضا ففي آخر تلك:
لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله "المنافقون: 9"، وفي هذه:
إنما أموالكم وأولادكم فتنة "15"، وهذه الجملة كالتعليل لتلك الجملة; ولذا ذكرت على ترتيبها.
وقال بعضهم: لما كانت سورة المنافقون رأس ثلاث وستين سورة، أشير فيها إلى وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله:
ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها "المنافقون: 11"، وأنه مات على رأس ثلاث وستين سنة، وعقبها بالتغابن; ليظهر التغابن في فقده صلى الله عليه وسلم.