[ ص: 157 ] سورة التكاثر والفيل
...
سورة التكاثر 1:
أقول: هذه السورة واقعة موقع العلة لخاتمة ما قبلها; كأنه لما قال هناك:
فأمه هاوية "القارعة: 9" قيل: لم ذلك؟ فقال: لأنكم
ألهاكم التكاثر "1" فاشتغلتم بدنياكم [عن دينكم] 2، وملأتم موازينكم بالحطام، فخفت موازينكم بالآثام; ولهذا عقبها بسورة والعصر، المشتملة على أن الإنسان في خسر، بيان لخسارة تجارة الدنيا، وربح تجارة الآخرة; ولهذا عقبها بسورة الهمزة، المتوعد فيها من
جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده "الهمزة: 2، 3"، فانظر إلى تلاحم هذه السور الأربع، وحسن اتساقها.
سورة الفيل:
[أقول:] 5 ظهر لي في وجه اتصالها بعد الفكرة: أنه تعالى لما ذكر حال الهمزة اللمزة، الذي جمع مالا وعدده، وتعزز بماله وتقوى، عقب ذلك بذكر قصة أصحاب الفيل، الذين كانوا أشد منهم قوة وأكثر أموالا وعتوا، وقد جعل كيدهم في تضليل، وأهلكهم بأصغر الطير وأضعفه، وجعلهم كعصف مأكول، ولم يغن عنهم مالهم ولا عددهم ولا شوكتهم ولا فيلهم شيئا.
فمن كان قصارى تعززه وتقويه بالمال، وهمز الناس بلسانه، أقرب إلى الهلاك، وأدنى إلى الذلة والمهانة.