[ ص: 63 ] مقدمة المصنف
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم العلامة ، تاج القراء أبو القاسم محمود بن حمزة بن نصر الكرماني - رضي الله عنه ، ورحمه - :
الحمد لله الذي أنزل الفرقان على محمد ليكون للعالمين نذيرا ، ومعجزا للإنس والجن ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا . نحمده على تفضله علينا بكتابه فضلا كبيرا ، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا .
ونصلي ونسلم على المبعوث بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، صلاة ( دائمة ) تتصل ولا تنقطع بكرة وهجيرا .
وبعد ؛ فإن هذا كتاب أذكر فيه الآيات المتشابهات التي تكررت في القرآن وألفاظها متفقة ، ولكن وقع في بعضها زيادة أو نقصان ، أو تقديم أو إبدال حرف مكان حرف ، أو غير ذلك مما يوجب اختلافا بين الآيتين أو الآيات التي تكررت من غير زيادة ولا نقصان ، وأبين ( ما ) [ ص: 64 ] السبب في تكرارها ، والفائدة في إعادتها ، وما الموجب للزيادة والنقصان ، والتقديم والتأخير والإبدال ، وما الحكمة في تخصيص الآية بذلك دون الآية الأخرى ، وهل كان يصلح ( ما ) في هذه السورة مكان ما في السورة التي تشاكلها ، أم لا ؟ ليجري ذلك مجرى علامات تزيل إشكالها ، وتمتاز ( بها ) عن أشكالها ، من غير أن أشتغل بتفسيرها وتأويلها ، فإني بحمد الله ( قد ) بينت ذلك كله ( بشرائطه ) في كتاب " لباب التفسير وعجائب التأويل " مشتملا على أكثر ما نحن بصدده ، ولكني أفردت هذا الكتاب لبيان المتشابه ، فإن الأئمة - رحمهم الله تعالى - قد شرعوا في تصنيفه ، واقتصروا على ذكر الآية ونظيرتها ، ولم يشتغلوا بذكر وجوهها وعللها والفرق بين الآية ومثلها . ( وهو ) المشكل الذي لا يقوم بأعبائه إلا من وفقه الله لأدائه .
وقد قال أبو مسلم في تفسيره ، عن أبي عبد الله الخطيب في تفسيره كلمات معدودات منها ، وأنا أحكي لك كلامه فيها إذا بلغت إليها ، مستعينا بالله ومتوكلا عليه .
وسميت هذا الكتاب : " البرهان في متشابه القرآن ، لما فيه من الحجة والبيان " . وبالله وعليه التكلان .
التالي