أسرار التكرار في القرآن

الكرماني - محمود بن حمزة الكرماني

صفحة جزء
[ ص: 151 ] سورة الرعد

233 - قوله تعالى : كل يجري لأجل مسمى ، وفي سورة لقمان : إلى أجل لا ثاني له ؛ لأنك تقول في الزمان : جرى ليوم كذا ، وإلى يوم كذا ، والأكثر اللام ، كما في هذه السورة ، وسورة الملائكة " 13 " ، وكذلك في يس : تجري لمستقر لها ؛ لأنه بمنزلة التاريخ . تقول : لبثت لثلاث بقين من الشهر ، وآتيك لخمس تبقى من الشهر . وأما في لقمان فوافق ما قبلها وهو قوله : ومن يسلم وجهه إلى الله . والقياس : لله ، كما في قوله : أسلمت وجهي لله ، لكنه حمل على المعنى ، أي : يقصد بطاعته إلى الله ، وكذلك : يجري إلى أجل مسمى أي يجري إلى وقته المسمى له .

234 - قوله : إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ، وبعدها : إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ؛ لأن بالتفكر في الآيات يعقل ما جعلت الآيات دليلا عليه ، فهو الأول المؤدي إلى الثاني .

235 - قوله : ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه في هذه السورة في موضعين ، وزعموا أنه لا ثالث لهما . ليس بتكرار محض ؛ لأن المراد بالأول : آية مما اقترحوا ، نحو ما في قوله : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ، والمراد بالثاني : آية ما ؛ لأنهم لم يهتدوا إلى أن القرآن آية فوق كل آية ، وأنكروا سائر آياته - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 152 ] 236 - قوله : ولله يسجد من في السماوات والأرض ، وفي النحل : ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة ، وفي الحج : ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم لأن ما في هذه السورة ، تقدم آية السجدة ذكر العلويات من البرق والسحاب والصواعق ، ثم ذكر الملائكة وتسبيحهم ، وذكر بآخره الأصنام والكفار ، فبدأ في آية السجدة بذكر من في السماوات لذلك ، وذكر الأرض تبعا ، ولم يذكر " من " فيها استخفافا بالكفار والأصنام .

وأما في الحج فقد تقدم ذكر المؤمنين وسائر الأديان ، فقدم ذكر من في السماوات تعظيما لهم ولها ، وذكر من في الأرض لأنهم هم الذين تقدم ذكرهم .

وأما في النحل فقد تقدم ذكر ما خلق الله على العموم ، ولم يكن فيه ذكر الملائكة ولا الإنس بالصريح ، فاقتضت الآية " ما في السماوات " ، فقال في كل آية ما لاق بها .

237 - قوله : نفعا ولا ضرا قد سبق .

238 - قوله : كذلك يضرب الله الحق والباطل ، ليس بتكرار ؛ لأن التقدير : كذلك يضرب الله الحق والباطل الأمثال ، فلما اعترض بينهما ( فأما - وأما ) وأطال الكلام ، أعاد فقال : كذلك يضرب الله الأمثال .

239 - قوله : لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به . وفي المائدة : ليفتدوا به ؛ لأن لو وجوابها يتصلان بالماضي ، فقال في هذه السورة : لافتدوا به .

[ ص: 153 ] وجوابه في المائدة : ما تقبل منهم وهو بلفظ الماضي ، وقوله : ليفتدوا به علة ، وليس بجواب .

240 - قوله : ما أمر الله به أن يوصل في موضعين من هذه السورة . ليس بتكرار ؛ لأن الأول متصل بقوله : يصلون ، وعطف عليه : ويخشون . والثاني متصل بقوله : يقطعون ، وعطف عليه : ويفسدون .

241 - قوله : ولقد أرسلنا رسلا من قبلك ، ومثله في المؤمن " 78 " ليس بتكرار . قال ابن عباس : عيروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باشتغاله بالنكاح والتكثر منه ، فأنزل الله تعالى : ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية بخلاف ما في المؤمن فإن المراد منه : لست ببدع من الرسل ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك .

242 - قوله : وإما نرينك مقطوع ، وفي سائر القرآن : " وأما " موصل ، وهو من اللهجات . وقد ذكر في موضعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية