[ ص: 65 ] سورة الفاتحة
1 - أول المتشابهات
قول : الرحمن الرحيم مالك فيمن جعل
بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة . وفي تكراره قولان : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14387علي بن عيسى : إنما كرر للتوكيد ، وأنشد قول الشاعر :
هلا سألت جموع كنـ ـدة يوم ولوا أين أينا
وقال
قاسم بن حبيب : إنما كرر لأن المعنى : وجب الحمد لله ؛ لأنه الرحمن الرحيم .
قلت : إنما كرر لأن الرحمة هي الإنعام على المحتاج . وذكر في الآية الأولى المنعم ، ولم يذكر المنعم عليهم ، فأعادها مع ذكرهم وقال :
رب العالمين الرحمن لهم جميعا ، ينعم عليهم ويرزقهم
الرحيم بالمؤمنين خاصة يوم الدين ، ينعم عليهم ويغفر لهم .
2 -
قوله تعالى : إياك نعبد وإياك نستعين كرر
إياك وقدمه ، ولم يقتصر على ذكره مرة ، كما اقتصر على ذكر أحد المفعولين في آيات كثيرة منها :
ما ودعك ربك وما قلى . أي : ما قلاك . وكذلك الآيات التي بعدها معناها : ( فآواك - فهداك - فأغناك ) ، لأن في التقديم فائدة ، وهي : قطع الاشتراك ، ولو حذف لم يدل على
[ ص: 66 ] التقديم ؛ لأنك لو قلت : إياك نعبد ونستعين ، لم يظهر أن التقدير : إياك نعبد وإياك نستعين ، أم : إياك نعبد ونستعينك ، فكرره .
3 -
قوله تعالى : صراط الذين أنعمت عليهم كرر " الصراط " لعلة تقرب مما ذكرت في
الرحمن الرحيم ؛ وذلك أن الصراط هو : المكان المهيأ للسلوك ، فذكر في الأول المكان ، ولم يذكر السالكين ، فأعاده مع ذكرهم فقال :
صراط الذين أنعمت عليهم . أي الذي يسلكه النبيون والمؤمنون . ولهذا كرر أيضا في قوله :
إلى صراط مستقيم صراط الله لأنه ذكر المكان المهيأ ، ولم يذكر المهيئ . فأعاده مع ذكره فقال :
صراط الله ، أي الذي هيأه للسالكين .
4 -
قوله : عليهم ليس بتكرار ، لأن كل واحد منهما متصل بفعل غير الآخر ، وهو : الإنعام ، والغضب . وكل واحد منهما يقتضيه اللفظ ، وما كان هذا سبيله فليس بتكرار ، ولا من المتشابه .