سورة المؤمنون
328 -
قوله تبارك وتعالى : لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون بالجمع وبالواو ، وفي الزخرف :
فاكهة " 73 " على التوحيد
منها تأكلون بغير واو . راعى في السورتين لفظ الجنة . فكانت هذه جنات بالجمع ، فقال :
فواكه بالجمع ، وفي الزخرف :
وتلك الجنة بلفظ التوحيد ، وإن كانت هذه جنة الخلد ، لكن راعى اللفظ فقال :
فيها فاكهة .
وقال في هذه السورة :
ومنها تأكلون بزيادة الواو ؛ لأن تقدير الآية : منها تدخرون ومنها تبيعون . وليس كذلك فاكهة الجنة ، فإنها للأكل فحسب ، فلذلك قال في الزخرف :
منها تأكلون ، ووافق هذه السورة ما بعدها أيضا ، وهو قوله :
ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون . فهذا القرآن معجزة وبرهان .
329 -
قوله : فقال الملأ الذين كفروا من قومه ، وبعده :
وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ، فقدم
من قومه في الآية الأخرى ، وفي الأولى أخر ؛ لأن صلة " الذين " في الأولى اقتصرت على الفعل وضمير الفاعل ، ثم ذكر بعده الجار والمجرور ، ثم ذكر
[ ص: 184 ] المفعول وهو المقول . وليس كذلك في الأخرى ؛ فإن صلة الموصول طالت بذكر الفاعل والمفعول والعطف عليه مرة بعد أخرى ، فقدم الجار والمجرور ، ولأن تأخيره ملتبس ، وتوسطه ركيك ، فخص بالتقديم .
330 -
قوله : ولو شاء الله لأنزل ملائكة ، وفي " حم " ( فصلت ) :
لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ؛ لأن في هذه السورة تقدم ذكر الله ، وليس فيه ذكر الرب .
وفي فصلت تقدم ذكر رب العالمين سابقا على ذكر الله . فصرح في هذه السورة بذكر الله ، وهناك بذكر الرب ؛ لإضافته إلى العالمين وهم جملتهم ، فقالوا : إما اعتقادا وإما استهزاء :
لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فأضافوا الرب إليهم .
331 -
قوله : واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ، وفي سبإ :
إني بما تعملون بصير كلاهما من وصف الله سبحانه وتعالى ، وخص كل سورة بما وافق فواصل الآي .
332 -
قوله : فبعدا للقوم الظالمين بالألف واللام ، وبعده :
لقوم لا يؤمنون ؛ لأن الأول لقوم صالح ، فعرفهم ، بدليل قوله :
فأخذتهم الصيحة . والثاني نكرة ، وقبله :
قرونا آخرين ، فكانوا منكرين ، ولم يكن معهم قرينة عرفوا بها فخصهم بالنكرة .
333 -
قوله : لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل ، وفي النمل :
لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل ؛ لأن ما في هذه السورة على القياس ؛ فإن الضمير المرفوع المتصل لا يجوز
[ ص: 185 ] العطف عليه حتى يؤكد بالمنفصل ، فأكد
وعدنا نحن ، ثم عطف عليه " آباؤنا " ، ثم ذكر المفعول وهو " هذا " .
وقدم في النمل المفعول موافقة لقوله :
ترابا ؛ لأن القياس فيه أيضا : كنا نحن وآباؤنا ترابا ، فقدم ترابا ليسد مسد " نحن " ، فكانا لفقين .
334 -
قوله : سيقولون لله ، وبعده :
سيقولون لله ، وبعده :
سيقولون لله . الأول : جواب لقوله :
قل لمن الأرض ومن فيها جواب مطابق لفظا ومعنى ؛ لأنه قال في السؤال : قل لمن ؟ فقال في الجواب : لله .
وأما الثاني والثالث : فالمطابقة فيهما في المعنى ؛ لأن القائل إذا قال لك : من مالك هذا الغلام ؟ فإن لك أن تقول : زيد . فيكون مطابقا لفظا ومعنى . ولك أن تقول : لزيد . فيكون مطابقا للمعنى ، ولهذا قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو الثاني والثالث : " الله " ، " الله " ؛ مراعاة للمطابقة .
335 -
قوله : ألم تكن آياتي تتلى عليكم ، وقبله :
قد كانت آياتي تتلى عليكم ليس بتكرار ؛ لأن الأول في الدنيا عند نزول العذاب ، وهو : الجدب عند بعضهم ، ويوم
بدر عند بعضهم . والثاني في القيامة وهم في الجحيم ، بدليل قوله :
ربنا أخرجنا منها .