سورة سبإ
406 -
قوله تعالى : مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض مرتين بتقديم السماوات ، خلاف يونس فإن فيها :
مثقال ذرة في [ ص: 208 ] الأرض ولا في السماء ؛ لأن في هذه السورة تقدم ذكر السماوات في أول السورة :
الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ، وقد سبق في يونس .
407 -
قوله : أفلم يروا بالفاء ، ليس غيره ، زيد الحرف ؛ لأن الاعتبار فيها بالمشاهدة على ما ذكرناه ، وخصت بالفاء لشدة اتصالها بالأول ؛ لأن الضمير يعود إلى الذين قسموا الكلام في النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قالوا :
محمد إما غافل كاذب ، وإما مجنون هاذ ، وهو قولهم :
أفترى على الله كذبا أم به جنة ، فقال الله تعالى : بل تركتم القسمة الثالثة وهي : وإما صحيح العقل صادق .
408 -
قوله : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله ، وفي سبحان :
من دونه ؛ لأنه في هذه السورة اتصلت الآية بآية ليس فيها لفظ الله ، فكان الصريح أحسن ، وفي سبحان اتصل بآيتين فيهما بضعة عشر مرة ذكر الله صريحا وكناية ، فكانت الكناية أولى ، وقد سبق .
409 -
قوله : إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ، وبعده :
إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور بالجمع ؛ لأن المراد بالأول : لآية على إحياء الموتى ، فخصت بالتوحيد ، وفي قصة
سبإ جمع لأنهم صاروا اعتبارا يضرب بهم المثل : ( تفرقوا أيادي سبإ ) ، و ( فرقوا كل مفرق ) ، و ( مزقوا كل ممزق ) ، فرفع بعضهم إلى
الشام ، وبعضهم ( ذهب ) إلى
يثرب ، وبعضهم إلى
عمان ، فختم بالجمع .
وخصت به لكثرتهم ، وكثرة من يعتبر بهم ، فقال :
لآيات لكل صبار على الجنة
شكور على النعمة ، أي المؤمنين .
410 - قوله :
قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ،
[ ص: 209 ] وبعده :
لمن يشاء من عباده ويقدر له قد سبق .
وخص هذه السورة بذكر الرب ؛ لأنه تكرر فيها مرات كثيرة ، منها :
بلى وربي ، و
بلدة طيبة ورب غفور ، و
ربنا باعد بين ، و
يجمع بيننا ربنا ، و
موقوفون عند ربهم ، ولم يذكر مع الأول : " من عباده " ؛ لأن المراد بهم الكفار ، وذكره مع الثاني لأنهم المؤمنون ، وزاد " له " ، وقد سبق بيانه .
411 - قوله :
وما أرسلنا في قرية من نذير ، ولم يقل : " من قبلك " ، ولا : " قبلك " . خصت السورة به ؛ لأنه في هذه السورة إخبار مجرد ، وفي غيرها إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - وتسلية له ، فقال : " قبلك " ، و " من قبلك " .
412 -
قوله : ولا نسأل عما تعملون ، وفي غيرها :
عما كنتم تعملون ؛ لأن قوله :
أجرمنا بلفظ الماضي ، أي قبل هذا . ولم يقل : نجرم ، فيقع في مقابلة " تعملون " ؛ لأن من شرط الإيمان ووصف المؤمن : أن يعزم ألا يجرم . وقوله :
تعملون خطاب للكفار ، وكانوا مصرين على الكفر في الماضي من الزمان والمستقبل ، فاستغنت به الآية عن قوله :
كنتم .
413 - قوله :
عذاب النار قد سبق .