سورة الزمر
438 -
قوله - عز وجل - : إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ، وفي هذه أيضا :
إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق الفرق بين " أنزلنا إليك الكتاب " ، و " أنزلنا عليك " قد سبق في البقرة ، ونزيده وضوحا : أن كل موضع خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله :
إنا أنزلنا إليك ففيه تكليف ، وإذا خاطبه بقوله :
أنا أنزلنا عليك ففيه تخفيف .
واعتبر بما في هذه السورة ، فالذي في أول السورة :
إليك فكلفه الإخلاص في العبادة ، والذي في آخرها :
عليك فختم الآية
[ ص: 218 ] بقوله :
وما أنت عليهم بوكيل أي : لست بمسؤول عنهم ، فخفف عنه ذلك .
439 -
قوله : إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين . زاد مع الثاني لاما ؛ لأن المفعول من الثاني محذوف تقديره : فأمرت أن أعبد الله لأن أكون ، فاكتفى بالأول .
440 -
قوله : قل الله أعبد مخلصا له ديني بالإضافة . والأول :
مخلصا له الدين ؛ لأن قوله :
أعبد إخبار صدر عن المتكلم ، فاقتضى الإضافة إلى المتكلم ، وقوله :
أمرت أن أعبد الله ليس بإخبار عن المتكلم ، وإنما الإخبار وما بعده فضلة ومفعول .
441 -
قوله : ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون ، وفي النحل :
ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون . وكان حقه أن يذكر هناك .
خصت هذه السورة بالذي ليوافق ما قبله ، وهو :
أسوأ الذي عملوا ، وقبله :
والذي جاء بالصدق . وخصت النحل بما ؛ للموافقة أيضا ، وهو قوله :
إنما عند الله هو ، و
خير لكم ، و
ما عندكم ينفد وما عند الله باق ، فتلائم اللفظان في السورتين .
442 -
قوله : وبدا لهم سيئات ما كسبوا ، وفي الجاثية :
ما عملوا . علة الآية الأولى : لأن ما كسبوا في هذه السورة وقع بين ألفاظ الكسب وهو :
ذوقوا ما كنتم تكسبون ، وفي الجاثية وقع بين ألفاظ العمل ، وهو :
ما كنتم تعملون ،
[ ص: 219 ] و
وعملوا الصالحات ، وبعده :
سيئات ما عملوا ، فخصت كل سورة بما اقتضاه .
443 -
قوله : ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما ، وفي الحديد :
ثم يكون حطاما ؛ لأن الفعل قبل قوله :
ثم يهيج في هذه السورة مسند إلى الله تعالى ، وهو قوله :
ثم يخرج به زرعا فكذلك الفعل بعد :
ثم يجعله .
وأما الفعل قبله في الحديد فمسند إلى النبات وهو :
أعجب الكفار نباته فكذلك ما بعده وهو :
ثم يكون ؛ ليوافق في السورتين ما قبله وما بعده .
444 -
قوله : فتحت أبوابها ، وبعده :
وفتحت بالواو للحال ، أي : جاءوها وقد فتحت أبوابها . وقيل : الواو في
وقال لهم خزنتها زائدة وهو الجواب ، وقيل : الواو واو الثمانية ، وقد سبق في الكهف .
445 -
قوله : فمن اهتدى فلنفسه ، وفي آخرها :
فإنما يهتدي لنفسه ؛ لأن هذه السورة متأخرة عن تلك السورة ، فاكتفى بذكره فيها .