[ ص: 95 ] سورة النساء
69 - قوله في هذه السورة :
والله عليم حليم . ليس غيره ، أي : عليم بالمضارة ، حليم عن المضادة .
70 -
قوله : خالدين فيها وذلك الفوز العظيم بالواو ، وفي براءة :
ذلك بغير واو ؛ لأن الجملة إذا وقعت ( بعد جملة ) أجنبية لا تحسن إلا بحرف العطف ، وإن كان في الجملة الثانية ما يعود إلى الأولى حسن إثبات حرف العطف ، وحسن الحذف اكتفاء بالعائد ، ولفظ " ذلك " في الآيتين يعود إلى ما قبل الجملة ، فحسن الحذف والإثبات فيهما ، ولتخصيص هذه السورة بالواو وجهان لم يكونا في براءة :
أحدهما : موافقة لما قبلها ، وهي جملة مبدوءة بالواو ، وذلك قوله :
ومن يطع الله .
والثاني : موافقة لما بعدها ، وهو قوله :
وله بعد قوله :
خالدا فيها .
وفي براءة :
أعد الله بغير واو ، ولذلك قال : " ذلك " بغير واو .
71 -
قوله : محصنين غير مسافحين ، في أول
[ ص: 96 ] السورة ، وبعدها :
محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ، وفي المائدة :
محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ؛ لأن في هذه السورة وقع في حق الأحرار المسلمين ، فاقتصر على لفظ
غير مسافحين . والثانية الجواري . وما في المائدة في الكتابيات فقال :
ولا متخذي أخدان ، حرمة للحرائر المسلمات ؛ لأنهن إلى الصيانة أقرب ، ومن الخيانة أبعد ، ولأنهن لا يتعاطين ما يتعاطاه الإماء والكتابيات من اتخاذ الأخدان .
72 - قوله :
فامسحوا بوجوهكم وأيديكم في هذه السورة ، وزاد في المائدة :
منه ؛ لأن المذكور في هذه بعض أحكام الوضوء والتيمم ، فحسن الحذف ، والمذكور في المائدة جميع أحكامهما ، فحسن الإثبات والبيان .
73 -
قوله : إن الله لا يغفر أن يشرك به . ختم الآية مرة بقوله :
فقد افترى ، ومرة بقوله :
فقد ضل ؛ لأن الأول نزل في اليهود ، وهم الذين افتروا على الله ما ليس في كتابهم ، والثاني نزل في الكفار ولم يكن لهم كتاب ، فكان ضلالهم أشد .
74 -
قوله : يا أيها الذين أوتوا الكتاب ، وفي غيرها : " يا أهل الكتاب " " 3 : 65 ، 70 ، 71 ، 99 و 5 : 19 ، 59 . . . إلخ " . لأنه سبحانه استخف بهم في هذه الآية وبالغ ، ثم ختم بالطمس ، ورد
[ ص: 97 ] الوجوه على الأدبار ، واللعن ، وبأنها كلها واقعة بهم .
75 - قوله :
درجة ، ثم في الآيات الأخرى : " درجات " " 96 و 3 : 163 و 4 : 96 و 6 : 83 و 132 " ، لأن الأولى في الدنيا ، والثانية في الجنة . وقيل : الأولى المنزلة ، والثانية المنزل وهو درجات . وقيل : الأولى على القاعدين بعذر ، والثانية على القاعدين بغير عذر .
76 -
قوله : ومن يشاقق الرسول ، بالإظهار في هذه السورة ، وكذلك في الأنفال " 13 " . وفي الحشر بالإدغام " 4 " ؛ لأن الثاني من المثلين إذا تحرك بحركة لازمة وجب إدغام الأول في الثاني ، ألا ترى أنك تقول : " اردد له " بالإظهار ، ولا يجوز : " ارددا " ، أو " ارددوا " ، أو " ارددي " ؛ لأنها تحركت بحركة لازمة ، والألف واللام في " الله " لازمتان ، فصارت حركة القاف لازمة ، وليس الألف واللام في " الرسول " كذلك .
وأما في الأنفال فلانضمام الرسول إليه في العطف ، ولم يدغم فيها ؛ لأن التقدير في القافات قد اتصل بهما ، فإن الواو توجب ذلك .
[ ص: 98 ] 77 -
قوله : كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ، وفي المائدة :
قوامين لله شهداء بالقسط ؛ لأن
لله في هذه السورة متصل ومتعلق بالشهادة بدليل قوله :
ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ، أي : ولو تشهدون عليهم . وفي المائدة منفصل ومتعلق بقوامين ، والخطاب للولاة بدليل قوله :
ولا يجرمنكم شنآن قوم الآية .
78 -
قوله : إن تبدوا خيرا أو تخفوه في هذه السورة ، وفي الأحزاب :
إن تبدوا شيئا ؛ لأن في هذه السورة وقع الخبر في مقابلة السوء في قوله :
لا يحب الله الجهر بالسوء . والمقابلة اقتضت أن يكون بإزاء السوء الخير ، وفي الأحزاب وقع بعدها :
لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض . فاقتضى العموم ، وأعم الأسماء شيء ، ثم ختم الآية بقوله :
فإن الله كان بكل شيء عليما .
79 -
قوله : وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض .
[ ص: 99 ] وسائر ما في هذه السورة : " ما في السماوات وما في الأرض " ؛ لأن الله سبحانه ذكر أهل الأرض في هذه الآية تبعا لأهل السماوات ، ولم يفردهم بالذكر ؛ لانضمام المخاطبين إليهم ، ودخولهم في زمرتهم ، وهم كفار عبدة أوثان ، وليسوا بمؤمنين ولا من أهل الكتب ، لقوله :
وإن تكفروا ، وليس هذا قياسا مطردا ، بل علامة .
80 -
قوله : يستفتونك بغير واو ؛ لأن الأول لما اتصل بما بعده وهو قوله :
في النساء وصله بما قبله بواو العطف والعائد جميعا ، ( والثاني لما انفصل عما بعده ) اقتصر من الاتصال على العائد وهو ضمير المستفتين ، وفي الآية متصل بقوله :
يفتيكم ، وليس بمتصل بقوله :
يستفتونك ؛ لأن ذلك يستدعي :
قل الله يفتيكم في الكلالة . والذي يتصل بيستفتونك محذوف يحتمل أن يكون
في الكلالة ، ويحتمل أن يكون فيما بدا لهم من الوقائع .