سورة المائدة
81 -
قوله : واخشون اليوم بحذف الياء ، وكذلك :
واخشون ولا تشتروا . وفي البقرة وغيرها :
واخشوني بالإثبات ؛ لأن الإثبات هو الأصل ،
[ ص: 100 ] وحذفت الياء من
واخشون اليوم من الخط لما حذفت من اللفظ ، وحذفت من
واخشون ولا تشتروا موافقة لما قبلها .
82 -
قوله : واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور ، ثم أعاد فقال :
واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ؛ لأن الأول وقع على النية وهي بذات الصدور ، والثاني على العمل .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : أن الأولى نزلت في اليهود ، وليس بتكرار .
83 -
قوله : وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم . وقال في سورة الفتح :
وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما . رفع ما في هذه السورة موافقة لفواصل الآي ، ونصب ما في الفتح موافقة للفواصل أيضا ، ولأنه في الفتح مفعول " وعد " .
وفي مفعول " وعد " في هذه السورة أقوال :
أحدها : محذوف دل عليه " وعد " ، خلاف ما دل عليه " أوعد " ، أي : خيرا . وقوله :
لهم مغفرة يفسره . وقيل :
لهم مغفرة جملة وقعت موقع المفرد ، ومحلها نصب كما قال الشاعر :
وجدنا الصالحين لهم جزاء وجنات وعينا سلسبيلا
فعطف " جنات " على محل " لهم جزاء " . وقيل : رفع على الحكاية ؛ لأن الوعد قول ، وتقديره : قال الله : لهم مغفرة . وقيل : تقديره : إن لهم مغفرة . فحذف إن فارتفع ما بعده .
[ ص: 101 ] 84 -
قوله : يحرفون الكلم عن مواضعه ، وبعده :
يحرفون الكلم من بعد مواضعه ؛ لأن الأولى في أوائل اليهود ، والثانية فيمن كانوا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أي : حرفوها بعد أن وضعها الله مواضعها ، وعرفوها ، وعملوا بها زمانا .
85 -
قوله : ونسوا حظا مما ذكروا به كرر لأن الأولى في اليهود ، والثانية في حق النصارى ، والمعنى : لم ينالوا منه نصيبا . وقيل : معناه : ونسوا نصيبا . وقيل : معناه : تركوا بعض ما أمروا به .
86 -
قوله : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم . . . ، ثم كررها فقال :
يا أهل الكتاب ؛ لأن الأولى نزلت في اليهود حين كتموا صفة
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وآية الرجم من التوراة ؛ والنصارى حين كتموا بشارة
عيسى بمحمد - صلى الله عليه وسلم - في الإنجيل ، وهو قوله :
يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب . ثم كرر فقال :
وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه فكرر :
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم ، أي :
[ ص: 102 ] شرائعكم ، فإنكم على ضلال لا يرضاه الله
على فترة من الرسل : على انقطاع منهم ودروس مما جاءوا به ، والله أعلم .
87 -
قوله : ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء . ثم كرر فقال :
ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير كرر ؛ لأن :
الأولى : نزلت في النصارى حين قالوا :
إن الله هو المسيح ابن مريم ، فقال :
ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما ، ليس فيهما معه شريك ، ولو كان
عيسى إلها لاقتضى أن يكون معه شريكا ، ثم من يذب عن
المسيح وأمه وعمن في الأرض جميعا إن أراد إهلاكهم ، فإنهم كلهم مخلوقون له ، وإن قدرته شاملة عليهم ، وعلى كل ما يريد بهم .
والثانية : نزلت في اليهود والنصارى حين قالوا :
نحن أبناء الله وأحباؤه ، فقال :
ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما ، والأب لا يملك ابنه ، ولا يهلكه ، ولا يعذبه ، وأنتم مصيركم إليه ، فيعذب من يشاء منكم ، ويغفر لمن يشاء .
[ ص: 103 ] 88 -
قوله : وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا . . . ، وقال في سورة إبراهيم :
وإذ قال موسى لقومه اذكروا . . . ؛ لأن تصريح اسم المخاطب مع حرف الخطاب يدل على تعظيم المخاطب به ، ولما كان ما في هذه السورة نعما جساما ما عليها من مزيد ، وهو قوله :
جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ، صرح فقال : " يا قوم " ، ولموافقته ما قبله وما بعده من النداء ، وهو قوله :
يا قوم ادخلوا ، و
يا موسى إنا ، ولم يكن ما في إبراهيم بهذه المنزلة ، فاقتصر على حرف الخطاب .
89 -
قوله : ومن لم يحكم بما أنزل الله كرره ثلاث مرات ، وختم الأولى بقوله :
فأولئك هم الكافرون ، والثانية بقوله :
فأولئك هم الظالمون ، والثالثة بقوله :
فأولئك هم الفاسقون ، قيل : لأن الأولى نزلت في حكام المسلمين ، والثانية في حكام اليهود ، والثالثة في حكام النصارى . وقيل : الكافر والفاسق والظالم كلها بمعنى واحد ، وهو الكفر ، عبر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة ، واجتناب صورة التكرار .
وقيل : ومن لم يحكم بما أنزل الله إنكارا له فهو كافر ، ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاده حقا وحكم بضده فهو ظالم ، ومن لم يحكم بالحق جهلا وحكم بضده فهو فاسق . وقيل : ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر بنعمة الله ، ظالم في حكمه ، فاسق في فعله .
90 -
قوله : لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة كرر لأن النصارى اختلفت أقوالهم :
[ ص: 104 ] فقالت اليعقوبية : إن الله تعالى ربما تجلى في بعض الأزمان في شخص ، فتجلى يومئذ في شخص
عيسى ، فظهرت منه المعجزات .
وقالت الملكية : إن الله اسم يجمع أبا وابنا وروح القدس ، اختلفت بالأقانيم ، والذات واحدة ، فأخبر الله - عز وجل - أنهم كلهم كفار .
91 -
قوله : لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ، ذكر في هذه السورة هذه الخلال جملة ، ثم فصل لأنها أول ما ذكرت .