سورة الأنفال
162 - قوله :
وما جعله الله إلا بشرى ، وقوله :
ومن يشاقق الله ، وقوله :
ويكون الدين كله لله ، وقد سبق .
[ ص: 132 ] 163 -
قوله : كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله ، ثم قال بعد آية :
كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم . قال
الخطيب : قد أجاب فيها بعض أهل النظر بأن قال : ذكر في الآية الأولى عقوبته إياهم عند الموت كما فعله بآل
فرعون ومن قبلهم من الكفار ، وذكر في الثانية ما يفعل بهم بعد الموت كما فعله بآل
فرعون ومن قبلهم ، فلم يكن تكرارا .
قال
الخطيب : والجواب عندي :
أن الأول : إخبار عن عذاب لم يمكن الله أحدا من فعله ، وهو : ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند نزع أرواحهم .
والثاني : إخبار عن عذاب مكن الناس من فعل مثله ، وهو : الإهلاك ، والإغراق .
قلت : وله وجهان آخران محتملان :
أحدهما : كدأب آل
فرعون فيما فعلوا .
والثاني : كدأب آل
فرعون فيما فعل بهم ، فهم فاعلون على الأول ، ومفعولون في الثاني .
والوجه الآخر : أن المراد بالأول كفرهم بالله ، وبالثاني تكذيبهم بالأنبياء ؛ لأن تقدير الآية : كذبوا الرسل بردهم آيات الله .
وله وجه آخر ، وهو : أن يجعل الضمير في " كفروا " لكفار
قريش على تقدير : كفروا بآيات الله كدأب آل
فرعون . وكذلك الثاني : كذبوا بآيات ربهم كدأب آل
فرعون .
164 -
قوله : الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله في هذه السورة بتقديم
بأموالهم وأنفسهم ، وفي براءة بتقديم
في سبيل الله ؛ لأن في هذه السورة تقدم ذكر المال والفداء والغنيمة في قوله :
تريدون عرض الدنيا ،
[ ص: 133 ] لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم أي من الفداء ،
فكلوا مما غنمتم ، فقدم ذكر المال ، وفي براءة تقدم ذكر الجهاد وهو قوله :
ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ، وقوله :
كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله . فقدم ذكر الجهاد في هذه الآي في هذه السورة ثلاث مرات ، فأورد في الأولى :
بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ، وحذف من الثانية : " بأموالهم وأنفسهم " اكتفاء بما في الأولى ، وحذف من الثالثة : " بأموالهم وأنفسهم " ، وزاد حذف " في سبيل الله " ( اكتفاء بما في الآيتين قبلها ) .