باب
الاستعاذة
يتعلق بها ثلاثة مباحث :
الأول : في حكمها
الثاني : في
صيغتها
الثالث : في كيفيتها
( المبحث الأول ) اتفق العلماء على أن الاستعاذة مطلوبة من مريد القراءة . واختلفوا بعد ذلك هل هذا الطلب على سبيل الندب أو على سبيل الوجوب ؟ فذهب جمهور العلماء وأهل الأداء
[ ص: 12 ] إلى الأول ، وقالوا : إن
الاستعاذة مندوبة عند إرادة القراءة . وحملوا الأمر في قوله تعالى :
فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم على الندب . فلو تركها القارئ لا يكون آثما .
وذهب بعض العلماء إلى الثاني ، وقالوا : إن الاستعاذة واجبة عند إرادة القراءة وحملوا الأمر في الآية المذكورة على الوجوب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : - وهو من القائلين بالوجوب - لو أتى الإنسان بها مرة واحدة في حياته كفاه ذلك في إسقاط الواجب عنه ، وعلى مذهب هؤلاء لو تركها الإنسان يكون آثما .
( المبحث الثاني ) المختار لجميع القراء في صيغتها " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " لأنها الصيغة الواردة في سورة النحل . ولا خلاف بينهم في جواز غير هذه الصيغة من الصيغ الواردة عند أهل الأداء سواء نقصت عن هذه الصيغة نحو أعوذ بالله من الشيطان ، أم زادت نحو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، أو أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم ، أو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم ، أو إن الله هو السميع العليم ، أو أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان الرجيم إلى غير ذلك من الصيغ الصحيحة الواردة عن أئمة القراءة .
( المبحث الثالث ) روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع أنه كان يخفي الاستعاذة في جميع القرآن . ومثل هذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15833خلف عن
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة أيضا أنه كان يجهر بها أول الفاتحة خاصة ويخفيها بعد ذلك في سائر القرآن . وروى
خلاد عنه أنه كان يجيز الجهر والإخفاء جميعا لا ينكر على من جهر ولا على من أخفى ، لا فرق في ذلك بين الفاتحة وغيرها من سائر القرآن الكريم .
ولكن المختار في ذلك لجميع القراء العشرة التفصيل فيستحب إخفاؤها في مواطن ، والجهر بها في مواطن أخرى .
مواطن الإخفاء :
(1) إذا كان القارئ يقرأ سرا سواء أكان منفردا أم في مجلس .
(2) إذا كان خاليا سواء أقرأ سرا أم جهرا .
(3) إذا كان في الصلاة سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية .
(4) إذا كان يقرأ وسط جماعة يتدارسون القرآن كأن يكون في مقرأة ولم يكن هو المبتدئ بالقراءة .
وما عدا هذه المواطن يستحب الجهر بها .
( تتميم )
إذا كان القارئ مبتدئا أول سورة تعين عليه الإتيان بالبسملة كما سيأتي ، وحينئذ يجوز له بالنسبة للوقف على الاستعاذة أو وصلها بالبسملة أربعة أوجه :
الأول : الوقف على الاستعاذة وعلى البسملة .
الثاني : الوقف على الاستعاذة ووصل البسملة بأول السورة .
الثالث: وصل الاستعاذة بالبسملة والوقف عليها .
الرابع : وصل الاستعاذة بالبسملة ووصل البسملة بأول
[ ص: 13 ] السورة ، وهذه الأوجه الأربعة جائزة لجميع القراء العشرة عند الابتداء بأي سورة من سور القرآن سوى براءة .
أما الابتداء ببراءة فيجوز لكل منهم وجهان فقط : الأول : الوقف على الاستعاذة . الثاني : وصلها بأول السورة ، ولا بسملة في أولها لجميع القراء كما يأتي .
وأما إذا كان ابتداؤه بآية في أثناء السورة كأول الربع أو أول القصة مثلا فيجوز له حينئذ الإتيان بالبسملة وتركها ، فإذا أتى بالبسملة جازت له الأوجه الأربعة المذكورة ، وإذا تركها جاز له وجهان :
الأول : الوقف على الاستعاذة .
الثاني : وصلها بأول الآية ، وهذه الأوجه جائزة لسائر القراء أيضا .
( فائدة )
لو قطع القارئ قراءته لطارئ قهري كعطاس أو تنحنح أو لكلام يتعلق بمصلحة القراءة كأن شك في شيء في القراءة وسأل من بجواره ليتثبت لا يعيد الاستعاذة . أما لو قطعها إعراضا عنها أو لكلام لا تعلق له بها ولو ردا لسلام فإنه يستأنف الاستعاذة .