( ولو دخل حلقه ذباب وهو ذاكر لصومه لم يفطر ) وفي القياس يفسد صومه لوصول المفطر إلى جوفه ، وإن كان لا يتغذى به كالتراب والحصاة . وجه الاستحسان أنه لا يستطاع الاحتراز عنه فأشبه الغبار والدخان ، واختلفوا في المطر والثلج ، والأصح أنه يفسد لإمكان الامتناع عنه إذا آواه خيمة أو سقف ( ولو أكل لحما بين أسنانه فإن كان قليلا لم يفطر وإن كان كثيرا يفطر ) وقال nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : يفطر في الوجهين لأن الفم [ ص: 333 ] له حكم الظاهر حتى لا يفسد صومه بالمضمضة . ولنا أن القليل تابع لأسنانه بمنزلة ريقه بخلاف الكثير لأنه لا يبقى فيما بين الأسنان ، والفاصل مقدار الحمصة وما دونها قليل ( وإن أخرجه وأخذه بيده ثم أكله ينبغي أن يفسد صومه ) لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : أن الصائم إذا ابتلع سمسمة بين أسنانه لا يفسد صومه ولو أكلها ابتداء يفسد صومه ولو مضغها لا يفسد لأنها تتلاشى وفي مقدار الحمصة عليه القضاء دون الكفارة عند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وعند nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر عليه الكفارة أيضا لأنه طعام متغير ، nindex.php?page=showalam&ids=14954ولأبي يوسف : أنه يعافه الطبع .
( قوله فأشبه الغبار والدخان ) إذا دخلا في الحلق فإنه لا يستطاع الاحتراز عن دخولهما لدخولهما من الأنف إذا طبق الفم وصار أيضا كبلل يبقى في فيه بعد المضمضة .
ونظيره في الخزانة إذا دخل دموعه أو عرقه حلقه وهو قليل كقطرة أو قطرتين لا يفطر ، وإن كان أكثر بحيث يجد ملوحته في الحلق فسد وفيه نظر لأن القطرة يجد ملوحتها ، فالأولى عندي الاعتبار بوجدان الملوحة لصحيح الحس ، لأنه لا ضرورة في أكثر من ذلك القدر ، وما في فتاوى قاضي خان : لو دخل دمعه أو عرق جبينه أو دم رعافه حلقه فسد صومه يوافق ما ذكرته ، فإنه علق بوصوله إلى الحلق ومجرد وجدان الملوحة دليل ذلك ( قوله : إذا أواه خيمة أو سقف ) يقتضي أنه لو لم يقدر على ذلك كان سائرا مسافرا لم يفسد ، فالأولى تعليل الإمكان بتيسر طبق الفم وفتحه أحيانا مع الاحتراز عن الدخول ، ولو دخل فمه المطر فابتلعه لزمته الكفارة ، ولو خرج دم من أسنانه فدخل حلقه إن ساوى الريق فسد وإلا لا ، ولو استشم المخاط من أنفه حتى أدخله إلى فمه وابتلعه عمدا لا يفطر ، ولو خرج ريقه من فيه فأدخله وابتلعه إن كان لم ينقطع من فيه بل متصل بما في فيه كالخيط فاستشربه [ ص: 333 ] لم يفطر ، وإن كان انقطع فأخذه وأعاده أفطر ولا كفارة عليه كما لو ابتلع ريق غيره .
ولو اجتمع في فيه ثم ابتلعه يكره ولا يفطر ، ولو اختلط بالريق لون صبغ إبريسم يعمله للخيط من فيه فابتلع هذا الريق ذاكرا لصومه أفطر ( قوله : له حكم ظاهر ) فالإدخال منه كالإدخال من خارجه ولو شد الطعام بخيط فأرسله في حلقه وطرفه بيده لا يفسد صومه إلا إذا انفصل منه شيء ( قوله : ولنا أن القليل تابع لأسنانه بمنزلة ريقه ) كما لا يفسد بالريق ، وإنما اعتبرنا تابعا لأنه لا يمكن الامتناع عن بقاء أثر ما من المآكل حوالي الأسنان وإن قل ، ثم يجري مع الريق التابع من محله إلى الحلق ، فامتنع تعليق الإفطار بعينه فيعلق بالكثير وهو ما يفسد الصلاة لأنه اعتبر كثيرا في فصل الصلاة ، ومن المشايخ من جعل الفاصل كون ذلك مما يحتاج في ابتلاعه إلى الاستعانة بالريق أو لا . الأول قليل ، والثاني كثير ، وهو حسن لأن المانع من الحكم بالإفطار بعد تحقق الوصول كونه لا يسهل الاحتراز عنه ، وذلك فيما يجري بنفسه مع الريق إلى الجوف لا فيما يتعمد في إدخاله لأنه غير مضطر فيه ( قوله ثم أكله ينبغي أن يفسد ) المتبادر من لفظة أكله المضغ والابتلاع أو الأعم من ذلك .
ومن مجرد الابتلاع فيفيد حينئذ خلاف ما في شرح الكنز أنه إذا مضغ ما أدخله وهو دون الحمصة لا يفطره ، لكن تشبيهه بما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله من عدم الفساد في ابتلاع سمسمة بين أسنانه ، والفساد إذا أكلها من خارج وعدمه إذا مضغها يوجب أن المراد بالأكل الابتلاع فقط وإلا لم يصح لعطاء النظير ، وفي الكافي في السمسمة قال : إن مضغها لا يفسد إلا أن يجد طعمه في حلقه . وهذا حسن جدا فليكن الأصل في كل قليل مضغه ، وإذا ابتلع السمسمة حتى فسد هل تجب الكفارة ؟ قيل : لا ، والمختار وجوبها لأنها من جنس ما يتغذى به .
وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد . ( قوله nindex.php?page=showalam&ids=14954ولأبي يوسف أنه يعافه الطبع ) فصار نظير التراب ، nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر يقول : بل نظير اللحم المنتن ، وفيه تجب الكفارة ، والتحقيق أن [ ص: 334 ] المفتي في الوقائع لا بد له من ضرب اجتهاد ومعرفة بأحوال الناس ، وقد عرف أن الكفارة تفتقر إلى كمال الجناية فينظر في صاحب الواقعة إن كان ممن يعاف طبعه ذلك أخذ بقول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وإن كان ممن لا أثر لذلك عنده أخذ بقول nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر رحمه الله .
ولو ابتلع حبة عنب ليس معها تفروقها فعليه الكفارة ، وإن كان معها اختلفوا فيه وإن مضغها وهو معها فعليه الكفارة .