( قوله فإذا صلى الفجر يوم التروية بمكة خرج إلى منى ) ظاهر هذا التركيب إعقاب صلاة الفجر بالخروج إلى منى وهو خلاف السنة . والحديث الذي ذكره المصنف في الاستدلال أخص من الدعوى ليفيد أن مضمونه هو السنة ، ولم يبين في المبسوط خصوص وقت الخروج ، واستحب في المحيط كونه بعد الزوال وليس بشيء .
وقال المرغيناني بعد طلوع الشمس ، وهو الصحيح لما عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه " أنه عليه الصلاة والسلام صلى الفجر يوم التروية بمكة ، فلما طلعت الشمس راح إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح يوم عرفة " وكأن مستند الأول ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر { nindex.php?page=hadith&LINKID=83168أنه عليه الصلاة والسلام توجه قبل صلاة الظهر } فإنه لا يقال في التخاطب لما بعد طلوع الشمس [ ص: 467 ] جئتك قبل صلاة الظهر ، ولا لما قبل الأذان ودخول الوقت ، وإنما يقال إذ ذاك قبل الظهر أو أذان الظهر ، فإنما يقال ذلك عرفا لما بعد الوقت قبل الصلاة .
لكن حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه صريح فيقضى به على المحتمل .
وفي الكافي للحاكم الشهيد : ويستحب أن يصلي الظهر بمنى يوم التروية ، هذا ولا يترك التلبية في أحواله كلها حال إقامته بمكة في المسجد وخارجه إلا حال كونه في الطواف ، ويلبي عند الخروج إلى منى ، ويدعو بما شاء ويقول : اللهم إياك أرجو وإياك أدعو وإليك أرغب ، اللهم بلغني صالح عملي وأصلح لي في ذريتي ، فإذا دخل منى قال : اللهم هذا منى وهذا ما دللتنا عليه من المناسك ، فمن علينا بجوامع الخيرات وبما مننت به على إبراهيم خليلك ومحمد حبيبك وبما مننت به على أهل طاعتك ، فإني عبدك وناصيتي بيدك جئت طالبا مرضاتك ، ويستحب أن ينزل عند مسجد عند الخيف .
ثم اعترضه بأنه كان من حق الكلام أن يقول قبل طلوع الشمس لأنه لم يتقدم ذكر طلوع الشمس لكنه تبع صاحب الإيضاح لأن طلوع الشمس مذكور في الإيضاح متقدما ا هـ . ولا يخفى أن قوله ثم يتوجه إلى عرفات متصل في المتن بقوله حتى يصلي الفجر من يوم عرفة ، إما بناء على عدم توقيت وقت الخروج إلى منى أو توقيته بما بعد صلاة الفجر كما هو مقتضى التركيب الشرطي كما قدمناه .
وقول المصنف : وهذا بيان الأولوية يتعلق به شرحا ، فمرجع ضمير قبله ألبتة صلاة الفجر من يوم عرفة ، ولا شك أنه أخذ في بيان حكم هذا الجواز والجواز متحقق في التوجه قبل الصلاة كما هو متحقق فيه قبل الشمس .
والإساءة لازمة في الوجهين ، فلا حاجة إلى إلزامه أن مرجع الضمير طلوع الشمس ثم اعتراضه ، وقد استفيد من مجموع ما قلنا أن السنة الذهاب إلى عرفات بعد طلوع الشمس أيضا ، ويقول عند التوجه إلى عرفات : اللهم إليك توجهت وعليك توكلت ووجهك أردت ، فاجعل ذنبي مغفورا وحجي مبرورا وارحمني ولا تخيبني ، واقض بعرفات حاجتي إنك على كل شيء قدير ، ويلبي ويهلل ويكبر لقول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه حين أنكر عليه التلبية : " أجهل الناس أم نسوا ؟ والذي بعث محمدا بالحق لقد خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بتكبير أو تهليل " رواه nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر .
ويستحب أن يسير على طريق ضب ويعود على طريق المأزمين اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم كما في العيد إذا ذهب إلى المصلى ، فإذا قرب من [ ص: 468 ] عرفات ووقع بصره على جبل الرحمة قال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ثم يلبي إلى أن يدخل عرفات