[ ص: 208 ] فصل في بيان المحرمات ) المحلية الشرعية من شرائط النكاح
وإنما أفرد هذا الشرط بفصل على حدة لكثرة شعبه وانتشار مسائله . وانتفاء محلية المرأة للنكاح شرعا بأسباب : الأول النسب ، فيحرم على الإنسان فروعه وهم بناته وبنات أولاده وإن سفلن وأصوله وهم أمهاته وأمهات أمهاته وآبائه وإن علون ، وفروع أبويه وإن نزلن ، فتحرم بنات الإخوة والأخوات وبنات أولاد الإخوة والأخوات وإن نزلن ، وفروع أجداده وجداته لبطن واحد ، فلهذا تحرم العمات والخالات ، وتحل بنات العمات والأعمام والخالات والأخوال . الثاني المصاهرة ، يحرم بها فروع نسائه المدخول بهن وإن نزلن ، وأمهات الزوجات وجداتهن بعقد صحيح وإن علون وإن لم يدخل بالزوجات ، وتحرم موطوءات آبائه وأجداده وإن علوا ولو بزنا والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح ، وتحرم موطوءات أبنائه وأبناء أولاده وإن سفلوا ولو بزنا ، والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح . الثالث الرضاع ، يحرم كالنسب ، وسيأتي تفصيله في كتاب الرضاع إن شاء الله تعالى . الرابع الجمع بين المحارم والأجنبيات كالأمة مع الحرة السابقة عليها . الخامس حق الغير ، كالمنكوحة والمعتدة والحامل بثابت النسب .
السادس عدم الدين السماوي كالمجوسية والمشركة . [ ص: 209 ] السابع : التنافي كنكاح السيد أمته والسيدة عبدها ( قوله إذ الأم هي الأصل لغة ) قال الله تعالى { وعنده أم الكتاب } وسميت مكة أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها والخمر أم الخبائث ، فعلى هذا ثبتت حرمة الجدات بموضوع اللفظ وحقيقته لأن الأم على هذا من قبيل المشكك ( قوله أو ثبتت حرمتهن بالإجماع ) أي إن لم يكن إطلاق الأم على الأصل بطريق الحقيقة حتى لا يتناول النص الجدات .
والتحقيق أن الأم مراد بها الأصل على كل حال ، لأنه إن استعمل فيه حقيقة فظاهر ، وإلا فيجب أن يحكم بإرادته مجازا فتدخل الجدات في عموم المجاز والمعرف لإرادة ذلك في النص الإجماع على حرمتهن ، ولم يثبت عند المصنف إطلاق لفظ البنت على الفرع حقيقة فلذا اقتصر في حرمة بنات الأولاد على الإجماع ، وظاهر بعض الشروح ثبوته حيث قال : وكذا الاستدلال في البنات ، فإن بنت البنت تسمى بنتا حقيقة باعتبار أن البنت يراد به الفرع فيتناولها النص حقيقة أو مجازا عند البعض . وقوله عند البعض يريد إذا استعمل في حقيقته ومجازه عند العراقيين فإنهم يجوزونه إذا كان في محلين . وعلى ما أسمعناك من التقرير يتناولهن مجازا عند الكل . ومن الطرق في تحريم الجدات وبنات الأولاد دلالة النص المحرم للعمات والخالات وبنات الأخ والأخت ، ففي الأول لأن الأشقاء منهن أولاد الجدات ، فتحريم الجدات وهن أقرب أولى ، وفي الثاني لأن بنات الأولاد أقرب من بنات الإخوة .