( ولو قال : أنت طالق أمس وقد تزوجها اليوم لم يقع شيء ) لأنه أسنده إلى حالة معهودة منافية لمالكية الطلاق فيلغو ، كما إذا قال : أنت طالق قبل أن أخلق ، ولأنه يمكن تصحيحه إخبارا عن عدم النكاح [ ص: 30 ] أو عن كونها مطلقة بتطليق غيره من الأزواج ( ولو تزوجها أوله من أمس وقع الساعة ) لأنه ما أسنده إلى حالة منافية ولا يمكن تصحيحه إخبارا أيضا فكان إنشاء ، والإنشاء في الماضي إنشاء في الحال فيقع الساعة ( ولو قال : أنت طالق قبل أن أتزوجك لم يقع شيء ) لأنه أسنده إلى حالة منافية فصار كما إذا قال : طلقتك وأنا صبي أو نائم ، أو يصحح إخبارا على ما ذكرنا .
( قوله ولو قال : أنت طالق أمس ) أو في الشهر الذي خرج ( وقد تزوجها اليوم لم يقع شيء ) بإجماع الفقهاء لأنه أسند الطلاق إلى حالة معهودة منافية لمالكية الطلاق فكان حاصله إنكارا للطلاق فيلغو فكان كقوله أنت طالق قبل أن أخلق ، ولأنه حين تعذر تصحيحه إنشاء أمكن تصحيحه إخبارا عن عدم النكاح : أي طالق أمس عن قيد النكاح إذا لم تنكحي بعد أو عن طلاق زوج كان لها إن كان بخلاف ما لو قال للمعينة : أنت طالق أنت طالق حيث يقع ثنتان ، لأن الظاهر في التركيب الإيقاع والإنشاء فلا يعدل عنه إلا لتعذره والصارف عنه إلى محتمله وهو عدم صحة الإنشاء منتف لبقاء المحلية بعد الطلقة الأولى ، إما بعود القيد بعد زواله لثبوت العدة كقول طائفة من المشايخ ، أو لبقائه متوقفا إلى انقضاء العدة كقول المحققين ، ويشهد لهم أنهم قالوا إذا قال : كل امرأة لي طالق يقع على المطلقة الرجعية طلقة أخرى لبقاء المحلية في المطلقة رجعية لقيام العدة بعود القيد لأنه لا يقع على المبانة مع قيام عدتها ، بخلاف ما لو قال لامرأتيه : إحداكما طالق إحداكما طالق حيث يقع واحدة ويحمل على الإخبار ثانيا أو التأكيد إلا أن يقصد التجديد لأن الإيقاع في المنكر ليس غالبا ، ولا الداعي إلى تكثير الطلقات من اللجاج والبغضاء بحيث لا يقنع الزوج بواحدة موجودا فيه لأن تحقق ذلك في المعينة لا في المنكرة ، ولو كان تزوجها أول من أمس وقع الساعة لأنه ما أسنده إلى حالة منافية ، ولا يمكن تصحيحه إخبارا لكذبه وعدم قدرته على الإسناد فكان إنشاء في الحال فيقع الساعة .
وعلى هذه النكتة حكم بعض المتأخرين من مشايخنا في مسألة الدور المنقولة عن متأخري الشافعية وهيإن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا بوقوع الطلاق ، وحكم أكثرهم أنها لا تطلق بتنجيز طلاقها لأنه لو تنجز وقع المعلق قبله ثلاثا ووقوع الثلاث سابقا على التنجيز يمنع المنجز بوقوع المنجز والمعلق لأن الإيقاع في الماضي إيقاع في الحال ونقول أيضا : إن هذا تغيير لحكم اللغة لأن الأجزية تنزل بعد الشرط أو معه لا قبله ، ولحكم العقل أيضا لأن مدخول أداة الشرط سبب والجزاء مسبب عنه ، ولا يعقل تقدم المسبب على السبب فكان قوله قبله لغوا ألبتة فبقي الطلاق جزاء للشرط غير مقيد [ ص: 30 ] بالقبلية ولحكم الشرع لأن النصوص ناطقة بشرعية الطلاق وهذا يؤدي إلى رفعها فيتفرع في المسألة المذكورة وقوع ثلاث : الواحدة المنجزة وثنتان من المعلقة .
ولو طلقها ثنتين وقعتا وواحدة من المعلقة أو ثلاثا وقعن فينزل الطلاق المعلق لا يصادف أهلية فيلغو .
ولو كان قال : إن طلقتك فأنت طالق قبله ثم طلقها واحدة وقع ثنتان المنجزة والمعلقة وقس على ذلك ( قوله ولو قال : أنت طالق قبل أن أتزوجك لم يقع شيء لأنه أسنده إلى حالة منافية فصار كقوله إذا طلقتك وأنا صبي أو نائم ) أو مجنون وكان جنونه معهودا ، فإن لم يكن معهودا طلقت للحال لأنه أقر بطلاقها وأسنده إلى حالة لم تعهد فلم يعتبر قوله في الإضافة ( أو يصحح إخبارا على ما ذكرناه ) من كونه إخبارا عن عدم النكاح أو طلاق زوج متقدم .