فصل فيما تحل به المطلقة ( وإذا كان الطلاق بائنا دون الثلاث فله أن يتزوجها في العدة وبعد انقضائها ) لأن حل المحلية باق لأن زواله معلق بالطلقة الثالثة فينعدم قبله ، ومنع الغير في العدة لاشتباه النسب [ ص: 177 ] ولا اشتباه في إطلاقه
( فصل فيما تحل به المطلقة )
لما ذكر ما يتدارك به الطلاق الرجعي ذكر ما يتدارك به غيره ( قوله لأن حل المحلية ) تركيب غير صحيح ، والصحيح أن يقال لأن حل المحل باق أو لأن المحلية باقية ، وهذا لأن المحلية هي كون الشيء محلا ولا معنى لنسبة الحل إليها إذ لا معنى يحل كونها محلا ( قوله لأن زواله ) مرجع الضمير الحل وضمير فينعدم للزوال ( قوله ومنع الغير ) جواب عن مقدر ، والمتبادر من العبارة أن يقال ما فرق بين الزوج وغيره حيث جاز في العدة للزوج [ ص: 177 ] التزوج لا لغيره فأجاب بلزوم اشتباه النسب في الأجنبي دون الزوج وهو سهل ، وقد يقرر هكذا المنع في العدة عام بالنص ، قال الله تعالى { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } يعني انقضاء العدة فكيف جاز للزوج تزوجها في العدة ؟ حاصل هذا استشكال الإطلاق للزوج في العدة وعموم النص يمنعه .
والأول طلب الفرق .
قلنا : عمومه في ضمير تعزموا ، وفي العدة خص منها العدة من الزوج نفسه بالإجماع فيلزم تخصيصه من العموم الأول .
وحكمة شرعية العدة في الأصل أن لا يشتبه النسب ( ولا اشتباه في إطلاقه ) أي إطلاق صاحب العدة عن ذلك المنع لأن الماء ماؤه فلذلك جاز الإجماع على إطلاقه وأطلق ، وليس هذا الكلام بيان علة دليل التخصيص : أعني الإجماع ، لأن الصغيرة والآيسة لا اشتباه في حقهما مع عدم إطلاق الغير فيهما بل بيان عدم المانع من إطلاقه ، وعدم المانع لا يعلل به ، لكن المعنى أنه لم يجمع مع المانع بل هو منتف فجاز الإجماع ، وبسطه أن العدة بعلة الحاجة إلى دفع الاشتباه فوجود الحاجة إلى الدفع مقتض لثبوت العدة المانعة من التزوج ، ففي محل لا يتحقق وجود الحاجة إلى الدفع كما في صاحب العدة فقد المانع من عدمها إلا أنه وجد المقتضي للعدم لأن العلة لا تؤثر في العكس : يعني ليس عدمها علة لعدم الحكم ولذلك ثبت الحكم : أعني وجود العدة مع عدمها في الآيسة والصغيرة بالنص وهو قوله تعالى { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } إما بعلة أخرى ، وإما أن يكون إظهار الخطر المحل إذا تأملت حيث منع عن ورود ملك الاستمتاع عليه مدة ليعز على الراغب ، بخلاف ما لو أطلق مطلقا كما أظهر خطره مرة أخرى باشتراط جمع الناس ليشهدوه أو لم يطلع عليها أو هي فيهما تعبد محض ، ولم يمكن إخراجهما من حكم العدة مع النص عليهما وفي غيرهما معلل بما قلنا فليست العدة مطلقا تعبدية