[ ص: 248 ] لكونه منكرا من القول وزورا فيناسب المجازاة عليها بالحرمة ، وارتفاعها بالكفارة . ثم الوطء إذا حرم حرم بدواعيه كي لا يقع فيه كما في الإحرام ، بخلاف الحائض والصائم لأنه يكثر وجودهما ، فلو حرم الدواعي يفضي إلى الحرج ولا كذلك الظهار والإحرام .
( قوله وإذا قال الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي فقد حرمت عليه ) وعند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد للمظاهر أن يقبلها إذا قدم من سفر للشفقة ، وكذا إذا قال أنت مني كظهر أمي أو أنت عندي أو معي ، وكذا إذا قال أنا منك مظاهر وقد ظاهرت منك ، ومتى ألحق لفظ المشيئة لا يثبت ، فلو قال أنت علي كظهر أمي إن شاء الله تعالى لم يلزمه شيء ، ولو قال إن شاء فلان فالمشيئة إليه ( قوله وهذا ) أي ثبوت التحريم بالظهار ثم ارتفاعه بالكفارة ( لأنه ) أي الظهار ( جناية ) كبيرة محضة [ ص: 248 ] لكونه منكرا من القول وزورا ) بالنص فيناسب المجازاة على هذه الجناية بالحرمة وارتفاع هذه الحرمة بالكفارة ( قوله ثم الوطء إذا حرم حرم بدواعيه ) تفيد هذه العبارة أن هذا هو الأصل إذ طريق المحرم محرم ، وعلى هذا استمر في الاستبراء والإحرام والاعتكاف ، وثبت من الشرع خلافه في الصوم والحيض ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=83605فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل إحدى نسائه وهو صائم } .
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها { nindex.php?page=hadith&LINKID=83606كان يأمرني أن أتزر فيباشرني وأنا حائض } فوجب البحث عن حكمة الفرق شرعا بين هذه الأمور لينظر هل الظهار من قبيل ما يقتضي الفرق تحريم الدواعي فيه كما قلنا نحن nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ؟
وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، لأن حرمة الوطء نصا بقوله تعالى { من قبل أن يتماسا } وهو كناية عن الجماع فلا يتناول غيره ، أو تحليلها كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في قولهما الآخر فنظرنا فعقلنا كون حكمته لزوم الحرج لو حرمت الدواعي في الصوم والحيض لكثرة وقوعهما ووقوع ضدهما من الفطر والطهر فعلى كثرة وقوعهما يلزم الحرج بمنع الدواعي ، وعن كثرة وقوع الضدين الظاهرين في كثرة وجود الجماع ينتفي لزوم شرع الزاجر المبالغ فلا يحرم الدواعي بخلاف الظهار والاستبراء والإحرام لا تكثر بالنسبة إلى كل شخص فاستمر على الأصل ، وتقدم له في الاعتكاف الفرق بينه وبين الصوم في حرمة الدواعي فيه لا في الصوم بأن الجماع محظور الاعتكاف والإحرام ، بخلاف الصوم لأن الكف عنه ركنه فلا يتعدى إلى دواعيه ، وقرر بما حاصله أن الفرق للفرق بين التحريم الثابت في ضمن الأمر ، والتحريم الثابت بالنهي لما كان الثاني أقوى بسبب أن النهي تناوله مقصودا فتعدى إلى الدواعي ، بخلاف الثابت في ضمن الأمر فإنه لم يتعلق به نهي أصلا بل طلب شيء يستلزم وجوده عدم ذلك فحرم ذلك لتأديته إلى تفويت المطلوب لا مقصودا فلم يتعد إلى دواعيه . فافترق الحال بينهما وبين الاستبراء والإحرام والاعتكاف لثبوت حرمة الجماع فيها بالنهي ، قال تعالى { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } ولا رفث ولا فسوق نفي مستعار للنهي [ ص: 249 ] لتأكيده .
ولم يسموه إلا منهيا عنه وهو صحيح لأن النهي للنفس طلب الترك عدل إلى ما ذكر ، والتحقيق أن الدواعي منصوص على منعها في الظهار ، والمذكور في وجه الفرق إنما هو حكمة الفرق بين الظهار وما ذكر ، أما كونها منصوصا على منعها فإنه قوله تعالى { من قبل أن يتماسا } لا موجب فيه للحمل على المجاز لإمكان الحقيقة ، ويحرم الجماع لأنه من أفراد التماس ، فكل من القبلة والمس والجماع أفراد التماس فيحرم الكل بالنص ، وظهر فساد قول المخالف ، والله سبحانه أعلم