( والمبتوتة يثبت نسب ولدها إذا جاءت به لأقل من سنتين ) لأنه يحتمل أن يكون الولد قائما وقت الطلاق فلا يتيقن بزوال الفراش قبل العلوق فيثبت النسب احتياطا ، ( فإن جاءت به لتمام سنتين من وقت الفرقة لم يثبت ) لأن الحمل حادث بعد الطلاق فلا يكون منه لأن وطأها حرام . قال ( إلا أن يدعيه ) [ ص: 353 ] لأنه التزمه . وله وجه بأن وطئها بشبهة في العدة ( فإن كانت المبتوتة صغيرة يجامع مثلها فجاءت بولد لتسعة أشهر لم يلزمه حتى تأتي به لأقل من تسعة أشهر عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله . [ ص: 354 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : يثبت النسب منه إلى سنتين ) لأنها معتدة يحتمل أن تكون حاملا ولم تقر بانقضاء العدة فأشبهت الكبيرة . ولهما أن لانقضاء عدتها جهة متعينة وهو الأشهر فبمضيها يحكم الشرع بالانقضاء وهو في الدلالة فوق إقرارها لأنه لا يحتمل الخلاف ، والإقرار يحتمله وإن كانت [ ص: 355 ] مطلقة طلاقا رجعيا فكذلك الجواب عندهما ، وعنده يثبت إلى سبعة وعشرين شهرا لأنه يجعل واطئا في آخر العدة وهي الثلاثة الأشهر ثم تأتي لأكثر مدة الحمل وهو سنتان ، وإن كانت الصغيرة ادعت الحبل في العدة فالجواب فيها وفي الكبيرة سواء ، لأن بإقرارها يحكم ببلوغها .
( قوله والمبتوتة يثبت نسب ولدها إذا جاءت به لأقل من سنتين ) لأنه يجوز كون الحمل كان قبل الطلاق فيثبت النسب ( وإن جاءت به لتمام سنتين من وقت الفرقة لم يثبت ) نسبه لتيقن العلوق بعد البينونة ووطؤه بعد البينونة حرام . قيل : إن هذه الرواية مخالفة لرواية الإيضاح وشرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي والأقطع ، والرواية التي تجيء بعد هذا في الكتاب أيضا وهي قوله وأكثر مدة الحمل سنتان فإن فيها ألحقت السنتان بأقل من السنتين حتى إنهم أثبتوا النسب إذا جاءت به لتمام سنتين ، وإن لفظ الحديث يؤيد صحة تلك الروايات ، فأما قوله : إن لفظ الحديث إلى آخره فليس بصحيح ; لأن حاصله أنه لا يمكث الولد في البطن أكثر من سنتين ، وهذا لا يقتضي أنها إذا جاءت به لتمام سنتين من الطلاق أن يثبت نسبه إلا إذا كان العلوق حال قيام الفراش . والوجه أن يحمل على تقرير قاضي خان المتقدم من أنه يجعل العلوق في حال الطلاق ; لأنه حينئذ قبل زوال الفراش .
( قوله إلا أن يدعيه ) استثناء من قوله لم يثبت نسبه وهو مفرغ للمتعلق : أي لم يثبت في حال من الأحوال إلا في الحال التي هي دعواه لأنه التزمه ، وله وجه وهو كونه وطئها بشبهة في العدة ، وهل يشترط تصديق المرأة فيه روايتان . والأوجه أنه لا يشترط لأنه ممكن منه وقد ادعاه ولا معارض ، ولهذا لم يذكر الاشتراط في رواية الإمام السرخسي في المبسوط nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشامل ، وذلك ظاهر في ضعفها وغرابتها .
واعترض بأن هذه مناقضة لما في كتاب الحدود من أن النسب لا يثبت من المبانة بالوطء في العدة ، ونص في التبيين أن المبتوتة بالثلاث إذا وطئها الزوج بشبهة كانت شبهة الفعل ، وفيها لا يثبت النسب وإن ادعاه نص عليه في كتاب الحدود . وأجيب بحمل المذكور هناك على المطلقة ثلاثا والمطلقة على مال ، وبحمل المذكور هنا على المبتوتة بالكنايات فيندفع التناقض . وليس بشيء لأن المراد من المذكور هناك إذا لم يدع شبهة ، والمذكور هنا محمول على [ ص: 353 ] كونه وطئا بشبهة ، والمعتدة عن ثلاث لا تكون أبعد من الأجنبية بالكلية ، والنسب يثبت بوطئها بشبهة فكيف بالمعتدة فيجب الجمع مثلا بأن يقال : ينبغي أن يصرح بدعوى الشبهة المقبولة غير مجرد شبهة الفعل ، لأن المذكور في الحدود عدم ثبوت النسب إذا وطئ المطلقة ثلاثا والبائنة بالطلاق على مال ، فجعل هذا حكم وطء المطلقة ثلاثا إذا جاءت به مطلقا فيثبت عنده فيجب أن لا ينتقل عنه إلا إذا ادعى الشبهة التي هي غير مجرد ظن الحل ، والمذكور في الكتاب لم يشترط ذلك بل أفاد ثبوت نسبه بمجرد دعواه ، غير أن توجيه ذلك إمكان صحته بكون الوطء بشبهة والوجه أنه لا يشترط غير دعواه لأنه لم يشترط في الكتاب سواه ، ثم يحمل على ثبوت الشبهة التي هي غير مجرد ظن الحل ، ثم إذا لم يثبت نسبه فيما إذا جاءت به لأكثر من سنتين يحكم بانقضاء عدتها قبل ولادتها بستة أشهر عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، وهو رواية بشر عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف فيجب أن ترد نفقته بستة أشهر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : لا تنقضي إلا بوضع الحمل وقد ذكرناه ، ولا يلزمها رد شيء . لهما أن الولد من غيره ، والظاهر أنه من نكاح صحيح دون الزنا والوطء بشبهة ، وأقل مدة الحمل ستة أشهر فحكمنا بانقضاء العدة من ذلك الوقت وحينئذ أخذت مالا تستحقه لأنها منقضية العدة فترده . nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف يقول هي في العدة ولذا لا تتزوج بغيره قبل وضعه فكأنها وطئت بشبهة .
ولو جاءت المبتوتة بولدين أحدهما لأقل من سنتين والآخر لأكثر من سنتين ثبت نسبهما عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف اعتبراه بمن باع جارية فجاءت بولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر والآخر لأكثر فادعاهما البائع يثبت نسبهما وينقض البيع . وعند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لا يثبت ; لأن الثاني من علوق حادث بعد الإبانة فيتبعه الأول لأنهما توأمان . قيل : هو الصواب . وليس ولد الجارية نظيره لأن الولد الثاني يجوز كونه حدث على ملك البائع قبل بيعه ، بخلاف الولد الثاني في المبتوتة . ولو خرج بعضه لأقل من سنتين وباقيه لأكثر من السنتين لا يلزمه حتى يكون الخارج لأقل من سنتين نصف بدنه ، أو يخرج من قبل الرجلين أكثر البدن لأقل والباقي لأكثر ، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد . وفي شرح التكملة : تزوج أمة ودخل بها ثم طلقها واحدة يلزمه ولدها إن جاءت به لأقل من ستة أشهر ، ولا يلزمه إن جاءت به لستة أشهر فصاعدا لأنه ولد النكاح في الأول ، وفي الثاني يضاف إلى ملك اليمين لأن وطأها حلال ولا يلزمه إلا بالدعوة ، ولا فرق بين أن تكون الطلقة بائنة أو رجعية ، وإن طلقها ثنتين ثبت نسبه إلى سنتين لأن وطأها لا يحل بملك اليمين فكان الولد من النكاح ، ولا يخفى أن معنى المسألة طلقها ثم ملكها وأن لا يتصور وطؤها بملك اليمين . واعلم أن ثبوت النسب فيما ذكر من ولد المطلقة الرجعية والبائنة مقيد بأحد أمور : أن يكون هناك إما شهادة بالولادة ، أو اعتراف من الزوج بالحبل ، أو حبل ظاهر كما سيجيء عن قريب .
( قوله فإن كانت المبتوتة صغيرة يجامع مثلها إلخ ) قيل : هو مستدرك ; لأن الحبل دليل أنه يجامع مثلها ومنعه ليس بشيء ، لأنه إن كان باعتبار [ ص: 354 ] أن الحبل يكون بلا جماع فلا شك أنه لا يكون إلا بالبلوغ ، وبعيد أن لا تحتمل البالغة الجماع . وحاصل المسألة أن الصغيرة إذا طلقت فإما قبل الدخول أو بعده ، فإن كان قبله فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه للتيقن بقيامه قبل الطلاق ، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لا يثبت ; لأن الفرض أن لا عدة عليها وما جاءت به لا يستلزم كونه قبل الطلاق لتلزم العدة بناء على الحكم بالدخول للحكم بالعلوق قبل الطلاق . وإن طلقها بعد الدخول ، فأما إن أقرت بانقضاء العدة بعد ثلاثة أشهر أو لم تقر ، فإن أقرت ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار ثبت نسبه ، وإن جاءت به لستة أشهر أو أكثر لم يثبت النسب لانقضاء العدة بإقرارها ، وما جاءت به لا يلزم كونه قبلها ليتيقن بكذبها ، وإن لم تقر بانقضائها ولم تدع حبلا فعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد إن جاءت به لأقل من تسعة أشهر من وقت الطلاق ثبت نسبه وإلا فلا ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف يثبت إلى سنتين في الطلاق البائن ، وإلى سبعة وعشرين شهرا في الرجعي لاحتمال أنه وطئها في آخر عدتها الثلاثة الأشهر فعلقت سنتين ، وإن كانت ادعت حبلا فهي كالكبيرة من حيث إنها لا يقتصر انقضاء عدتها على أقل من تسعة أشهر لا مطلقا ، فإن الكبيرة يثبت نسب ولدها في الطلاق الرجعي لأكثر من سنتين وإن طال إلى سن الإياس لجواز امتداد طهرها ووطئه إياها في آخر الطهر .
وجه قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنها يحتمل كونها حاملا لفرض أنها في سن يجوز فيه بلوغها لأنه فرض المسألة ولم تقر بانقضاء [ ص: 355 ] عدتها فأشبهت الكبيرة في احتمال حدوث العلوق ساعة فساعة فيثبت نسب ما تأتي به إلى سنتين . واعلم أن قياس ما قدمه في الكبيرة المبتوتة من أنها إذا جاءت به لتمام سنتين لا يثبت أن يقول إلى أقل من سنتين هنا . وجه قولهما وهو الفرق أن لانقضاء عدة الصغيرة جهة واحدة في الشرع فبمضيها يحكم الشرع بالانقضاء وهو في الدلالة فوق إقرارها بالانقضاء لأنه لا يحتمل الخلف وعدم المطابقة ، بخلاف إقرارها ، فغاية الأمر أن يجعل انقضاؤها بمنزلة إقرارها ، ولو أقرت بالانقضاء بعد الأشهر الثلاثة ثم جاءت به لأكثر من ستة أشهر أو لستة أشهر لا يثبت فكذلك هنا ، فلزم أن لا يثبت حتى تأتي به لأقل من تسعة أشهر ، أما إذا كانت الصغيرة ادعت الحبل في العدة فالجواب فيها كالكبيرة ; لأن بإقرارها بالحبل حكم ببلوغها .