قال رضي الله عنه : والمراد بالنفي المذكور في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة [ ص: 236 ] الكراهة ، حتى لو صلاها فيه أو تلا سجدة فيه فسجدها جاز لأنها أديت ناقصة كما وجبت إذ الوجوب بحضور الجنازة والتلاوة .
[ ص: 231 ] فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة ) استعمل الكراهة هنا بالمعنى اللغوي ، فيشمل عدم الجواز وغيره مما هو مطلوب العدم ، أو هو بالمعنى العرفي والمراد كراهة التحريم لما عرف من أن النهي الظني الثبوت غير المصروف عن مقتضاه يفيد كراهة التحريم وإن كان قطعيه أفاد التحريم فالتحريم في مقابلة الفرض في الرتبة وكراهة التحريم في رتبة الواجب والتنزيه برتبة المندوب والنهي الوارد من الأول ، فكان الثابت به كراهة التحريم ، وهي في الصلاة إن كانت لنقصان في الوقت منعت أن يصح فيه ما تسبب عن وقت لا نقص فيه لا لأنها كراهة تحريم بل لعدم تأدي ما وجب كاملا ناقصا ، فلذا قال عقيب ترجمته بالكراهة لا تجوز الصلاة إلخ ، لكن إن أريد بعدم الجواز عدم الصحة والصلاة عام لم يصدق في كل صلاة لأنه لو شرع في نفل في الأوقات الثلاثة صح شروعه حتى وجب قضاؤه إذا قطعه خلافا nindex.php?page=showalam&ids=15922لزفر .
وعن الكافر والصبي والمجنون إذا أسلم وبلغ وأفاق في الجزء المكروه فلم يؤد حتى خرج الوقت فإن السبب في حقهم لا يمكن جعله كل الوقت حين خرج إذ لم يدركوا مع الأهلية إلا ذلك الجزء فليس السبب في حقهم إلا إياه ، ومع هذا لو قضوا في وقت مكروه لا يجوز لأن الثابت في ذمته كامل ، إذ لا نقص في الوقت نفسه بل المفعول فيه يقع ناقصا ، غير أن تحمل ذلك النقص لو أدى فيه العصر ضروري لأنه مأمور بالأداء فيه فإذا لم يؤد لم يوجد النقص الضروري وهو في نفسه كامل فيثبت في ذمته كذلك فلا يخرج عن عهدته إلا بكامل ، بخلاف ما لو قضى في وقت مكروه ما قطعه من النفل المشروع فيه في وقت مكروه حيث يخرجه عن العهدة وإن كان آثما ، لأن وجوبه ضرورة صيانة المؤدى عن البطلان ليس غير ، والصون عن البطلان يحصل مع النقصان ، وكذا سجدة التلاوة في الوقت المكروه وصلاة الجنازة لأنهما لإظهار مخالفة الكفار بالانقياد وقضاء حق الميت بالدعاء له ، وكل منهما يتحقق مع النقصان ، أو نقول عند التلاوة يخاطب بالأداء موسعا ومن ضرورته تحمل ما يلزمه من النقص لو أدى عندها ، بخلاف ما إذا تليت في غير مكروه فإن الخطاب لم يتحقق بأدائها في وقت مكروه موسعا فلا يجوز قضاؤها في مكروه ، هذا الوجه أسلم إذ يستلزم الأول جواز أدائها في مكروه وإن تليت في غيره ، ومثله بعينه في صلاة الجنازة وهو معنى قول المصنف حتى لو صلاها فيه أو تلا سجدة فيه وسجدها إلى قوله : إذ الوجوب بحضور الجنازة والتلاوة ، يقتضي كلامه أن الأولى تأخيرهما إذا تحقق سببهما في الوقت المكروه .
وفي التحفة إذا حضرت جنازة في الأوقات الثلاثة فالأفضل أن يصلي ولا يؤخرها ، بخلاف الفرائض [ ص: 233 ] فإنها وجبت لعينها : أي ابتداء إقامة فرائض الملك سبحانه المستحقة على وجه الكمال فاقتصر على هذا التقرير فإنه يدفع أوهاما بعد إتقانه إن شاء الله سبحانه ( قوله حجة على nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في تخصيص الفرائض ) أي المقضيات ، وبمكة أي وتخصيص الصلاة مطلقا بمكة فرضها ونفلها وعلى nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله في إباحة النفل يوم الجمعة وقت الزوال ، أما إخراج الفرائض فبقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=37462من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها } متفق عليه ، وأما بمكة فحديث nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم مرفوعا { nindex.php?page=hadith&LINKID=43397يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار } وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر في معناه ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ، وهو معلول بأربعة أمور : انقطاع ما بين nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبي ذر فإنه الذي يرويه عنه ، وضعف ابن المؤمل ، وضعف حميد مولى عفراء ، واضطراب سنده ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وأدخل قيس بن سعد بين حميد هذا وبين nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، ورواه سعيد بن سالم فأسقطه من البين . وأما إخراج nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله ففي مسند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ، أخبرنا إبراهيم بن محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله عن سعيد المقبري عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=76950أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة } أما [ ص: 234 ] حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=37467من نام عن صلاة } فهو وإن كان خاصا في الصلاة لكن كونه مخصصا لعمومها في حديث nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر يتوقف على المقارنة ، فلما لم يثبت فهو معارض في بعض الأفراد فيقدم حديث عقبة لأنه محرم ، ولو تنزلنا إلى طريقهم في كون الخاص مخصصا كيفما كان فهو خاص في الصلاة عام في الأوقات ، فإن وجب تخصيصه عموم الصلاة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر وجب تخصيص حديث عقبة عموم الوقت ، لأنه خاص في الوقت ، وتخصيص عموم الوقت هو إخراجه الأوقات الثلاثة من عموم وقت التذكر في حق الصلاة الفائتة ، كما أن تخصيص الآخر هو إخراج الفوائت عن عموم منع الصلاة في الأوقات الثلاثة ، وحينئذ فيتعارضان في الفائتة في الأوقات المكروهة ، إذ تخصيص حديث عقبة يقتضي إخراجها عن الحل في الثلاثة ، وتخصيص حديث التذكر للفائتة من عموم الصلاة يقتضي حلها فيها ، ويكون إخراج حديث عقبة أولى لأنه محرم .
وأما حديث مكة فبعد التنزل فيه عام في الصلاة والوقت فيتعارض عمومهما في الصلاة ، ويقدم حديث عقبة لما قلنا ، وكذا يتعارضان [ ص: 235 ] في الوقت إذ الخاص يعارض العام عندنا ، وعلى أصولهم يجب أن يخص منه حديث عقبة الأوقات الثلاثة لأنه خاص فيها . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله فالواقع بعد التنزل فيه أيضا استثناء يوم الجمعة ، والاستثناء عندنا تكلم بالباقي فيكون حاصله نهيا مقيدا بكونه بغير يوم الجمعة فيقدم عليه حديث عقبة المعارض له فيه لأنه محرم ، وقد يقال : يحمل المطلق على المقيد لاتحادهما حكما وحادثة ( قوله والمراد إلخ ) اختلف في ذلك ، فحمله [ ص: 236 ] الترمذي على الصلاة كالمصنف ، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، وحمله nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود على الدفن الحقيقي ، ويترجح الأول بما رواه الإمام أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الجنائز من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15787خارجة بن مصعب عن nindex.php?page=showalam&ids=15124ليث بن سعد عن موسى بن علي عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=63527نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي على موتانا عند ثلاث : عند طلوع الشمس } الحديث . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتاب المعرفة : ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15899روح بن القاسم عن موسى بن علي عن أبيه وزاد فيه : قلت nindex.php?page=showalam&ids=27لعقبة أيدفن بالليل ؟ قال : نعم ، قد دفن أبو بكر .