( فإن زوجها فجاءت بولد فهو في حكم أمه ) ; لأن حق الحرية يسري إلى الولد كالتدبير ; ألا ترى أن ولد الحرة حر وولد القنة رقيق والنسب يثبت من الزوج ; لأن الفراش له ، وإن كان النكاح فاسدا إذ الفاسد ملحق بالصحيح في حق الأحكام ، ولو ادعاه المولى لا يثبت نسبه منه ; لأنه ثابت النسب من غيره ، [ ص: 41 ] ويعتق الولد وتصير أمه أم ولد له لإقراره .
( قوله : فإن زوجها المولى فجاءت بولد ) يعني من الزوج ( فهو في حكم أمه ) حتى لا يجوز للسيد بيعه ولا هبته ولا رهنه ويعتق بموته من كل المال ولا يسعى لأحد ، وله [ ص: 41 ] استخدامه ، وإجارته ، إلا أنه إذا كان جارية لا يستمتع بها ; لأنه وطئ أمها ، وهذه إجماعية وهي واردة على إطلاقه حيث قال : هو في حكم أمه ، وهذا لأن الصفات القارة في الأمهات تسري إلى الولد ; لأنه جزؤها فيحدث الولد على صفتها كالتدبير ، ولهذا كان ولد القنة قنا ، وولد الحرة حرا ، وإن كان أبوه بخلافه ، ولو ادعاه لا يثبت نسبه منه ; لأنه ثابت النسب من الزوج ; لأن فراشه أقوى ، وإن كان النكاح فاسدا فإنه يلحق بالصحيح في حق الأحكام ، وهذا إذا اتصل به الدخول ، والنسب لا يتجزأ ثبوتا فلا يثبت من المولى ، والأوجه الاقتصار على قوة الفراش فلا يثبت معه المرجوح ، وإلا فالولد يثبت من اثنين كما سيذكر . وقول المصنف ; لأن الفراش له يقتضي أن لا فراش للمولى حال كونها زوجة للغير أصلا ، وهذا إذا جاءت به لستة أشهر من النكاح ، فإن جاءت به لأقل فهو ابن للسيد والنكاح فاسد ، ويستحب بل يجب أن لا يزوجها حتى يستبرئها بحيضة احتياطا ، ولو لم يفعل صح النكاح ويثبت نسب الولد من الزوج ثم يعتق بدعوة المولى ، وإن لم يثبت نسبه منه ; لإقراره بحريته حيث اعترف بأنه ابنه فإن ابنه من أمته يعلق حرا كما تقدم غير أنه عارضه في ثبوت النسب منه معارض أقوى منه فلم يثبت نسبه به ، ولم يعارضه في ثبوت الحرية به ذلك فأخذ بزعمه .
ولم يستحسن قول المصنف وتصير أم ولد له ; لأن الكلام في تزويج أم الولد ، وإنما يستحسن لو كان في تزويج الأمة التي ليست أم ولد كالصورة المذكورة في المبسوط : زوج أمته من عبده فولدت فادعاه لا يثبت نسبه منه ، ولكن تصير أم ولد له تعتق بموته ; لأنه أقر لها بحق الحرية ، وقد تكلف له أن قوله وولد القنة قن ابتداء وما بعده بناء عليه فكأنه قال : ولد القنة قن ونسبه يثبت من الزوج إذا زوجها مولاها ، وحينئذ يستقيم إلا أنه خلاف الظاهر ; لأنه إنما ذكر لبيان سراية وصف الأم إلى الولد فيكون ابن أم الولد بمنزلها ( قوله : ويعتق الولد ) أي ولد أم الولد المزوجة الذي ادعاه بعتق ; لأنه ملكه وهو يزعم أنه ابنه . ( وتصير أمه أم ولد له ) تعتق بموته ; لأنه أقر لها بحق الحرية حيث ادعى أن ولدها منه وعتق الولد ظاهر بل قد اعترف بأنه علق الولد حرا من الأصل .
فإن قيل : فكيف تثبت أمومية الولد مع عدم ثبوت النسب وهي مبنية عليه ؟ أجيب بأن مجرد الإقرار بالاستيلاد كاف لثبوت الاستيلاد ، وإن كان في ضمن ما لم يثبت ، وهذا ما تقدم وعده مع أن احتمال كونه من السيد قائم ; لجوازه بوطء قبل النكاح ، إلا أنه لم يظهر هذا الاحتمال في حق ثبوت النسب ; لثبوته من الزوج فبقي معتبرا في الأم لحاجتها إلى الأمومية الموصلة إلى العتق .