( قوله ولو حلف لا يأكل من لحم هذا الحمل فأكل منه بعدما صار كبشا حنث لأن صفة الصغر في هذا ليست داعية إلى اليمين ) فلا تقييد به فانعقدت على ذاته فيحنث به كبشا لوجود ذاته فيه ، وإنما قلنا ليست داعية لأن الصغر داع إلى الأكل لا إلى عدمه ، فالممتنع عنه مع صلوحه أشد امتناعا عنه كبشا ، وفي هذا نظر لأن الحمل ليس محمودا في الضأن لكثرة رطوباته زيادة حتى قيل فيه النحس بين الجيدين بخلافة كبشا فإن لحمه حينئذ أكثر قوة وتقوية للبدن لقلة رطوباته فصار كالحلف لا يأكل من هذا الرطب فأكله تمرا لا يحنث .
واعلم أن إيراد مثل هذا وما قبله في مسألة لا أكلم هذا الصبي ذهول عن وضع هذه المسائل ونسيان أنها بنيت على العرف فيصرف اللفظ إلى المعتادة في العمل والعرف في القول ، وأن المتكلم لو أراد معنى تصح إرادته من اللفظ لا يمنع منه . ففي مسألة الحمل العموم يفضلونه وهو عندهم غذاء في غاية الصلاح وما يدرك نحسه إلا أفراد عرفوا شيئا من الطب فوجب بحكم العرف إذا لم يكن له نية أن يصرف اليمين إلى ذات الحمل لأنه لما كان صالحا في الغاية عند العموم لا يحكم على الفرد من العموم أنه على خلافهم فينصرف حلفه إليهم فيلزم أن لا تعتبر الحملية قيدا ، وكذا الصبي لما كان موضع الشفقة والرحمة عند العموم ، وفي الشرع لم يجعل الصبا داعية إلى اليمين في حق العموم فينصرف إلى ذاته ، وهذا لا ينفي كون حالف من الناس عرف عدم طيب الحمل وسوء أدب [ ص: 120 ] صبي علم أنه لا يردعه إلا ترك الكلام معه ، أو علم أن الكلام معه يضره في عرضه أو دينه فعقد يمينه في الأول على مدة كونه حملا ، وفي الثاني على مدة صباه .
فإنا نقول : لو أراد حالف تقييده بالحملية والصبا لم نمنعه وصرفنا يمينه حيث صرفها ، وإنما الكلام إذا لم ينو شيئا فإنما يسلك به ما عليه العموم أخطئوا فيه أو أصابوا فليكن هذا منك ببال فإنك تدفع به كثيرا من أمثال هذا الغلط المورد على الأئمة .