( قوله لقوله تعالى { خذوا زينتكم } ) نزلت في الطواف تحريما لطواف العريان ، والعبرة وإن كانت لعموم اللفظ لا لخصوص السبب لكن لا بد أن يثبت الحكم في السبب أولا وبالذات لأنه المقصود به قطعا ، ثم في غيره على ذلك الوجه ، والثابت عندنا في الستر في الطواف الوجوب ، حتى لو طاف عريانا أثم وحكم بسقوطه ، وفي الصلاة الافتراض حتى لا تصح دونه ، وما قيل لقيام الدليل بسقوط الافتراض في الطواف وهو الإجماع وهو في الصلاة منتف فيبقى على أصل الافتراض فيها فممنوع ثبوت الإجماع على ذلك ، ولو سلم لا يدفع السؤال وهو أنه كيف تناول السبب على وجه دونه في غيره ، ثم يستلزم أن يراد به الحقيقي والمجازي معا لأنه إن كان قطعي الدلالة فموجبه الافتراض ليس غير .
وإن كان ظنيها [ ص: 257 ] فالوجوب ليس غير ، وهما حقيقتان متباينتان لأن عدم الإكفار بالجحد مأخوذ في مفهوم الوجوب ونقيضه في مفهوم الفرض ، أو هما فردا مفهوم واحد هو مفهومه وهو الطلب الجازم أعم من كونه على هذا الوجه من القوة أولا ، والمشكك الأعم لا يعرف استعماله في فردين من مفهومه في إطلاق واحد ، وقد يدفع باختيار الثاني وكونه بحيث يكفر جاحده مقتضاه إنما هو أثر قوة ثبوته قطعا عن الله وقطعية دلالته على مفهومه لا من نفس مفهومه ، فتأمل هذا يظهر لك عنده أن نفس حقيقة الوجوب والفرض ليس تمامهما مفهوم لفظ الأمر بل جزأهما وهو الطلب الجازم والجزء الآخر : أعني كونه بحيث يكفر جاحده أو لأثر كيفية ثبوت ذلك الأمر ودلالته .
وصح إضافة تمامها إلى الأمر بأن يقال : يفيد الوجوب الافتراض إذ لا شك في استفادة ثبوت تمام الحقيقة معه وبسببه ، لا أن معناه أنها بتمامها مدلول لفظه فتأمل ، وحينئذ فالإلزام الذي يتم هو الأول والله سبحانه وتعالى أعلم .
وحاصله لزوم افتراض الستر في الطواف بالآية وأنتم تنفونه أو الوجوب في الصلاة وأنتم تفرضونه ، والحق بعد ذلك أن الآية ظنية الدلالة في ستر العورة فمقتضاها الوجوب في الصلاة ومنهم من أخذ منها قطعية الثبوت ومن حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=63685لا صلاة لحائض إلا بخمار } قطعية الدلالة في ستر العورة فيثبت الفرض بالمجموع ، وفيه ما لا يخفى بعد تسليم قطعية الدلالة في الحديث وإلا فهو قد اعترف في نظيره من نحو { nindex.php?page=hadith&LINKID=31123لا وضوء لمن لم يسم } و { nindex.php?page=hadith&LINKID=30864لا صلاة لجار المسجد } أنه ظني الدلالة ، ولا شك في ذلك لأن احتمال نفي الكمال قائم والأوجه الاستدلال بالإجماع على الافتراض في الصلاة كما نقله غير واحد من أئمة النقل إلى أن حدث بعض المالكية فخالف فيه nindex.php?page=showalam&ids=12429كالقاضي إسماعيل وهو لا يجوز بعد تقرر الإجماع .
والحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها ترفعه { nindex.php?page=hadith&LINKID=31851لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار } . رواه أبو داود والترمذي وحسنه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة في صحيحه ( قوله لقوله صلى الله عليه وسلم { عورة الرجل } ) روى [ ص: 258 ] nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب قال : سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول { nindex.php?page=hadith&LINKID=82116ما فوق الركبتين من العورة ، وما أسفل من السرة من العورة } وعن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=82117فإن ما تحت السرة إلى ركبته من العورة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث طويل ، وفيه سوار بن داود لينه nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي لكن وثقه ابن معين .
وعن عقبة بن علقمة عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=107831الركبة من العورة } وعقبة هذا هو اليشكري ضعفه أبو حاتم nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، وحديث { حتى يجاوز ركبته } لم يعرف ، وعلى هذا يسقط ترتيب البحث المذكور : أعني قوله وكلمة إلخ لأن تمامه متوقف على كون حديث الركبة مما يحتج به .
وله طريقان معنويان : وهما أن الغاية قد تدخل وقد تخرج والموضع موضع الاحتياط فحكمنا بدخولها احتياطا وإن الركبة ملتقى عظم العورة وغيرها فاجتمع الحلال والحرام ولا مميز ، وهذا في التحقيق وجه كون الموضع موضع الاحتياط