وقوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=83904واضربوهم على تركها لعشر } في الصبيان ، فهذا دليل شرعية التعزير وأجمع عليه الصحابة . وبالمعنى وهو أن الزجر عن الأفعال السيئة كي لا تصير ملكات فيفحش ويستدرج إلى ما هو أقبح وأفحش فهو واجب . وذكر التمرتاشي عن السرخسي أنه ليس فيه شيء مقدر بل مفوض إلى رأي القاضي ، لأن المقصود منه الزجر ، وأحوال الناس مختلفة فيه . فمنهم من ينزجر بالصيحة ومنهم يحتاج إلى اللطمة وإلى الضرب ، ومنهم من يحتاج إلى الحبس .
وفي الشافي : التعزير على مراتب : تعزير أشراف الأشراف وهم العلماء والعلوية بالإعلام وهو أن يقول له القاضي بلغني أنك تفعل كذا وكذا فينزجر به ، وتعزير الأشراف وهم الأمراء والدهاقين بالإعلام والجر إلى باب القاضي والخصومة في ذلك ، وتعزير الأوساط وهم السوقة بالجر والحبس ، وتعزير الأخسة بهذا كله وبالضرب . وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : يجوز التعزير للسلطان بأخذ المال ، وعندهما وباقي الأئمة الثلاثة لا يجوز . وما في الخلاصة سمعت من ثقة أن التعزير بأخذ المال إن رأى القاضي ذلك ، أو الوالي جاز ، ومن جملة ذلك رجل لا يحضر الجماعة يجوز تعزيره بأخذ المال مبني على اختيار من قال بذلك من المشايخ كقول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف . وقال التمرتاشي : يجوز التعزير الذي يجب حقا لله تعالى لكل [ ص: 346 ] أحد بعلة النيابة عن الله .
ولنا أن ما كان منصوصا عليه من التعزير كما في وطء جارية امرأته أو جارية مشتركة يجب امتثال الأمر فيه وما لم يكن منصوصا عليه إذا رأى الإمام بعد مجانبة هوى نفسه المصلحة أو علم أنه لا يزجر إلا به وجب لأنه زاجر مشروع لحق الله تعالى فوجب كالحد ، وما علم أنه ينزجر بدونه لا يجب وهو محمل حديث الذي ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ما أصاب من المرأة فإنه لم يذكر للنبي صلى الله عليه وسلم إلا وهو نادم منزجر ، لأن ذكره له ليس إلا للاستعلام بموجبه ليفعل معه . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير فالتعزير لحق آدمي هو النبي صلى الله عليه وسلم ويجوز تركه . وفي فتاوى قاضي خان : التعزير حق العبد كسائر حقوقه يجوز فيه الإبراء والعفو والشهادة على الشهادة ويجري فيه اليمين : يعني إذا أنكر أنه سببه يحلف ويقضي بالنكول ، ولا يخفى على أحد أنه ينقسم إلى ما هو حق العبد وحق الله ، فحق العبد لا شك في أنه يجري فيه ما ذكر .
وأما ما وجب منه حقا لله تعالى فقد ذكرنا آنفا أنه يجب على الإمام ، ولا يحل له تركه إلا فيما علم أنه انزجر الفاعل قبل ذلك ثم يجب أن يتفرع عليه أنه يجوز إثباته بمدع شهد به فيكون مدعيا شاهدا إذا كان معه آخر . فإن قلت : في فتاوى قاضي خان وغيره : إن كان المدعى عليه ذا مروءة وكان أول ما فعل يوعظ استحسانا فلا يعزر . فإن عاد وتكرر منه روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه يضرب وهذا يجب أن يكون في حقوق الله تعالى ، فإن حقوق العباد لا يتمكن القاضي فيها من إسقاط التعزير . قلت : يمكن أن يكون محله ما قلت من حقوق الله تعالى ولا مناقضة ، لأنه إذا كان ذا مروءة فقد حصل تعزيره بالجر إلى باب القاضي والدعوى فلا يكون مسقطا لحق الله سبحانه وتعالى في التعزير .
وقوله ولا يعزر : يعني بالضرب في أول مرة ، فإن عاد عزره حينئذ بالضرب ، ويمكن كون محمله حق آدمي من الشتم وهو ممكن يكون تعزيره بما ذكرنا . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الرجل يشتم الناس : إذا كان له مروءة وعظ ، وإن كان دون ذلك حبس . وإن كان سبابا ضرب وحبس : يعني الذي دون ذلك ، والمروءة عندي في الدين والصلاح .