[ ص: 458 ] ( وإذا رأى الإمام موادعة أهل الحرب وأن يأخذ على ذلك مالا فلا بأس به ) لأنه لما جازت الموادعة بغير المال فكذا بالمال ، لكن هذا إذا كان بالمسلمين حاجة ، أما إذا لم تكن لا يجوز لما بينا من قبل ، والمأخوذ من المال يصرف مصارف الجزية ، هذا إذا لم ينزلوا بساحتهم بل أرسلوا رسولا ; لأنه في معنى الجزية ، أما إذا أحاط الجيش بهم ثم أخذوا المال فهو غنيمة يخمسها ويقسم الباقي بينهم لأنه مأخوذ بالقهر معنى ( وأما المرتدون فيوادعهم الإمام حتى ينظر في أمرهم ) لأن الإسلام مرجو منهم فجاز تأخير قتالهم طمعا في إسلامهم [ ص: 459 ] ( ولا يأخذ عليه مالا ) لأنه لا يجوز أخذ الجزية منهم لما نبين ( ولو أخذه لم يرده ) لأنه مال غير معصوم .
( قوله وإن رأى الإمام موادعة أهل الحرب وأن يأخذ ) المسلمون ( على ذلك مالا جاز ; لأنه لما جاز بلا مال فبالمال وهو أكثر نفعا أولى ، إلا أن هذا إذا كان بالمسلمين حاجة ، أما إذا لم تكن فلا يوادعهم لما بينا من قبل ) يعني قوله : لأنه ترك للجهاد صورة ومعنى . قال شارح : ويجوز أن يكون إشارة إلى قوله لأنه يشبه الأجر : يعني في مسألة الجعل قبل باب كيفية القتال ، وهذا يقتضي أن الموادعة تجوز وأخذ مالهم لا يجوز إذا كان مال المسلمين كثيرا غير أنهم ليسوا متأهبين للحرب لقلة العدد الحاضر لتفرق المقاتلة في البلاد ونحوه وهو بعيد ; لأن ذلك كله جهاد ، وفي أخذ مالهم كسر لشوكتهم وتقليل لمادتهم فأخذه لهذا المعنى من الجهاد [ ص: 459 ] لا الأجرة على الترك وباعتباره ، ثم ما يؤخذ من هذا المال يصرف مصارف الخراج والجزية إن كان قبل النزول بساحتهم بل برسول ، أما إذا نزلنا بهم فهو غنيمة يخمسها ويقسم الباقي لأنه مأخوذ منهم قهرا معنى . وأما المرتدون فلا بأس بموادعتهم ، ومعلوم أن ذلك إذا غلبوا على بلدة وصارت دارهم دار الحرب وإلا فلا ; لأن فيه تقرير المرتد على الردة ، وذلك لا يجوز ، ولهذا قيده الفقيه nindex.php?page=showalam&ids=11903أبو الليث في شرح الجامع الصغير بما ذكرنا ، قال : يدل عليه وضع المسألة في مختصر nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي بقوله غلب المرتدون على دار من دور الإسلام فلا بأس بموادعتهم عند الخوف ، فلو وادعهم على المال لا يجوز لأنه في معنى الجزية ولا تقبل من المرتد جزية .
وقوله ( لما نبين ) يعني في باب الجزية ( و ) مع هذا ( لو أخذه لا يرده ) عليهم لأن مالهم فيء للمسلمين إذا ظهروا ، بخلاف ما إذا أخذ من أهل البغي حيث يرد عليهم بعدما وضعت الحرب أوزارها لأنه ليس فيئا إلا أنه لا يرده حال الحرب لأنه إعانة لهم